اللجوء حق سياسي ومدني تكفله النظم الدولية ،وتقوم المفوضية السامية للاجئين برعاية أصحابه والبحث لهم عن مكان آمن وهو يحدث عادة نتيجة الحروب والأزمات والاضطهاد والعنف والتطرف والمضايقات العرقية والفئوية والسياسية، وأحيانا يكون اللجوء السياسي حيلة مكيافيلية لتحقيق مآرب نفعية وإيديولوجية أخري قد تعجز المنظمة الدولية عن فهم أسبابها ومقاصدها السياسية والاقتصادية ،فماحقيقة اللجوء –هذه الأيام- في عاصمة ولاية الحوض الشرقي "النعمة"؟؟
تشرئب الأعناق ،وتلتهب المشاعر،ويدب الحماس في كل ولايات الوطن توقا إلي زيارة النعمة ،والالتحام بساكنتها ،والعيش في نعيمها ،والاحتماء بها واللجوء فيها أياما وليالي حاسمة –في رأي- هؤلاء ,,
في صيف عام فارط حل بمدينة النعمة صاحب الفخامة :السيد معاوية ولد سيد أحمد الطايع في زيارة "تاريخية"، احتشدت جموع المستقبلين، وقدم إليها الناس من كل حدب وصوب في مشهد "عظيم" يُعبر عن معاني الحب والتقدير والإجلال لصاحب "الفضل علي الناس" في ذلك الوقت ..
ركبت سيدة النعمة الأولي –رحمها الله تعالي واسكنها فسيح جناته- علي عربة يجرها حمار،وانطلقت إلي حيث يوجد الرئيس داخل منزل الوالي، وأفسح الجميع لها الطريق حتى وصلت إلي مجلس الرئيس الذي لفت نظره موكب السيدة وجرأتها في الاقتحام ،وعجز الحاضرين عن ثنيها ؛فسأل الوالي من هذه ؟ أخبر الوالي الرئيس: أن هذه المرأة العجوز هي أقوي شخصية نسائية في المدينة وهي سيدة من أكابر القوم منزلة وفضلا ؛فأشار إليها بالسلام ،وردت عليه التحية قائلة :(لقد جئت سيادة الرئيس لأمر هام ،وهو أن أشكرك علي رعايتك الكريمة للاجئين ) وسكتت !!! فظهر الارتياح علي وجه الرئيس، واستدار إليها مسرورا؛فخاطبته متسائلة ؟
ألا تسألني من هم "اللاجئون"؟ فقال لها الرئيس -و قد نظر إلي الوالي ورفع رأسه- في حيرة وتعجب - من هم ؟
أجابت هذه السيدة العظيمة –رحمها الله- فخامة رئيس الجمهورية بمقولتها الشهيرة : (اللاجئون ياسيادة الرئيس هم هؤلاء: وأشارت إلي الوزراء، والوالي، والحكام والمدراء وكافة الحاضرين من المسؤولين وأصحاب القرار في الولاية.....) وأضافت: هؤلاء اللاجئين أحسنت إليهم ،ومكنتهم من كل شيء في الدولة ،ومنحتهم المناصب ،والميزانيات ،وهم يحتاجون منك المزيد فهم "اللاجئون الحقيقيون"...
أما أهل النعمة فهم أغنياء: - النساء يصنعن الثريد ويبعنه - والرجال يكسبون من عرق جبينهم وخيرات أرضهم وماشيتهم ،وحماري هذا -كما تري- شبعان ليس من علف الحكومة ولكن من زرعنا ونبتنا .....
بُهت الرئيس وحاشيته من سماع هذا الخطاب السياسي القوي من عاصمة التأييد والمساندة والدعم ،ومن شخصية نسائية بهذا الحجم والمكانة ،وعلي إثر هذه الحادثة أطاح الرئيس برؤوس كبيرة في حكومته ....
لا تزال كلمات تلك السيدة ترن في آذان ساكنة النعمة،وهم يشاهدون جولة جديد من مسرحية قديمة يجري الإعداد لها من قبل لاجئين قدموا هذه المرة بأعداد متساوية :"خمسون لاجئا من كل ولاية " .ولكن هل من رجل رشيد -هذه المرة- يقول كلمة حق للاجئين الجدد في سعيهم الجديد؟
الكاتب الحاج ولد المصطفى