المهندس: الهيبه ولد سيد الخير
لم يعد يخفي علي أحد حجم الصعوبات التي تعترض سير مصنع ألبان النعمة، والناتجة عن أخطاء فادحة ارتكبها مخططو ذلك المشروع، مما قد ينتج عنه ضياع عدة مليارات من الأوقية، ناهيك عن الإرباك والحرج الذي تسببت فيه تلك الأخطاء لصناع القرار السياسي.
لقد كنت متحمسا حقا ،لأعرف طبيعة القرارات التي سينصح بها مخططو هذا المشروع صُناع القرار ، لتدارك الأخطاء وتصحيح المسار، لان المصنع أصبح علي مفترق طرق، ولا بد من اتخاذ قرار حاسم وشجاع يوقف نزيفا بدأ يرشح وقد يتسع خرقه علي الراقعين.
لقد حمل خطاب فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز الأخير لمدينة النعمة الجواب بشكل واضح ،فهواة التخطيط اقنعوا صناع القرار بضرورة إنشاء مصنعين جديدين لإنقاذ المصنع الأول!
،يتعلق الأول منهما بمصنع لتقشير الأرز سيقام في النعمة بهدف استخدام نواتجه الثانوية كعلف لتثبيت قطعان الأبقار جنب مصنع الألبان، للحصول علي الحليب، مما سيفاقم من حجم الأعباء ،ويزيد من تعقيد مشكلة معقدة أصلا ،بينما يتعلق الإجراء الثاني بمصنع للأعلاف للغرض نفسه وانصح المخططين بضرورة اخذ النقاط التالية في الحسبان:
يتناقض إنشاء المصانع الثلاثة مع السياسات المتبعة والهادفة إلي وقف كافة أشكال النزيف وبالتالي تقليل الأعباء؛
التفكير في التكاليف الإنتاجية ،فقد تكون كلفة لتر من منتجات المصنع الأعلى عالميا في ظل التحديات الحالية؛
إن إنشاء مصنع للتقشير سيفاقم المشكلة ولا يحلها، فنقل الأرز الخام من الضفة للاستفادة من بعض نواتجه غير مبرر اقتصاديا ،نظرا لأن تكاليف نقل الأرز الخام أعلي من تكاليف نقل الأرز المقشر ونواتجه الثانوية، وعلي كل فمشكلة القطعان هي الأعلاف المالئة وليست المركزة وهذا ما لم يفهمه مخططو المشاريع؛
إن إنشاء مصنع للأعلاف في مدينة النعمة سيكون انتحارا ،نظرا لغياب منتجات الأولية الضرورية لإنتاج علف غني بالبروتين والضروري لإنتاج الحليب ،مما يعني استيرادها وحتي إن تحملت الدولة الأعباء فلن يثبت ذلك القطعان نظرا لحاجتها للأعلاف المالئة؛
يجري الحديث ألآن عن حل إضافي، لحل مشكلة المصنع يتمثل في إقامة مزارع في انبيكت لحواش، لإنتاج أعلاف خضراء ضرورية بالفعل للقطعان المنتجة، لكن هذا الحل يحمل في طياته مشكلة هدر المياه الجوفية وارتفاع الكلفة ويعكس أن المخططين يسبحون عكس التيار، فتجارب دول المناطق الجافة خلصت إلي عبثية استنزاف البحيرات الجوفية لأغراض الزراعة.
سيكون من الأفضل توفير حزمة محفزات للمستثمرين الخصوصيين لإقامة المشاريع الاقتصادية بدل تدخل القطاع العام المحكوم عليه بالفشل مسبقا.
بدأ مصنع ألبان النعمة بخطأ ارتكبه هواة التخطيط بالأمس،و عندما أرادوا تقويم الاعوجاج اليوم، نصحوا بإقامة مصنعين جديدين ،ولا نعرف غدا كم من مصنع سيقام، لإنقاذ المصانع الثلاثة، مما يعني أن وحل مستنقع سوء التخطيط بدأ بابتلاع جهود التنمية.
سيكون لزاما علي صناع القرار مواجهة هذه المشكلة، إما آجلا أو عاجلا واتخاذ التدابير الضرورية ويبقي السؤال المطروح كم سيكون حجم الأضرار عندها؟