من أطفال افريقيا الوسطى المشردين .. وبعد

أربعاء, 2016-05-11 16:54

إلى ذلك الإنسان الذي يعيش في أبراجه العاجية يتمتع بالنسائم ويضحك ويسرح ويمرح .. وإلى تلك الشعوب التي من الله عليها بالعيش الكريم .. وإلى المنظمات الإنسانية ذات القلوب اللينة..  وإلى كل المسلمين في العالم .. بل إلى كل قلب رحيم في هذا الكون نرسل هذه الحروف .. 
 نحن الأطفال الثلاثة الموقعون أدناه نبعث إليكم هذه الرسالة التي كتبناها بعد جهد جهيد .. كتبناها وبطوننا لم تعرف الطعام منذ زمن بعيد اللهم إلا ما كان من وريقات  شجر تتساقط علينا كلما هبت الرياح وحركت الغصن الساكن فأسقطت حبات من فاكهة "المانجو" لم نعد نميز بين قشرتها ولبها من شدة الفاقة .. نبعث إليكم برسالة واضحة الحروف والمعالم والصور رسالة تنبعث من أجساد مزقتها الشموس الحارقة هنا في جنوبي تشاد، فلا نكاد نبين لكم حالنا.. ولا نعرف من أين نبدأ قصتنا الحزينة الطويلة:
نعم .. صدقونا أيها المسلمون وأيها العالم أجمع نعلن عجزنا عن الشروع في الحكاية..  هل نستهل قصتنا ببداية المأساة يوم أن دخل المتطرفون منازلنا وحرقوها بالكامل فقتل الأباء والأمهات بجريمة أنهم مسلمون اختاروا دينا واقتنعوا به حد الموت والحرق والتقطيع والتمثيل بالجثث..
أم نبدأ الرسالة بما أفقنا عليه من دخولنا بين رجال شجعان لا تربطنا بهم رابطة قرابة ولا مجاورة إنما وجدوا أولئك الأطفال الثلاثة المشردين بجانب جثث والديهم فأنقذوهم  قبل أن ينقذوا أنفسهم من موت محقق وهربوا بهم في موقف بطولي نادر  ذات أيام نحسات  وليالي حالكة في اتجاه ريح السموم .. 
هل نتحدث إليكم هنا بداية عن  رحلة التيه المستمرة أياما وشهورا يقضي فيها على الطريق المتعرج المعوج مئات المرضى والعجزة والنساء ورفاقنا الاطفال .. أم نحكي لكم عن حياتنا اليومية هنا في هذه الحبشة التي فيها ملك لا يظلم عنده أحد لكنا لا نعرف فيها أبا يعطف ولا أما تحن ولا بواكي تسيل دموعهن علينا إنما نترك للضياع.. 
أيها العالم .. حقا لا ندري من أين نبدأ الحكاية لكن القصة باختصار أن مسلمين حرقوا وقتلوا في جمهورية افريقيا الوسطى وهرب أبناءهم إلى مخيمات اللجوء في تشاد بلا أهل ولا مأوى .. نفيق هنا دون أن نعرف مصيرنا .. 
مصيرنا مجهول  إلى الأبد .. مجهول لأن الآباء فقدوا ولم يورثوا دينارا ولا درهما..  الأقارب فقدوا جميعهم .. المساكن حرقت هنالك .. أغرب ما في القصة أننا نلجأ هنا إلى لاجئين لا يقدرون على إنقاذ أنفسهم من الموت جوعا فكيف يلتفتون إلينا .. أسعد أوقاتنا تلك التي نتفيأ فيها ظلال الشجر ننتظر ما يسقطه من ثمار.. 
نحن الأطفال الثلاثة ـ آدم وعبد الله وهارون ـ (الصورة) نستغيث بك ايها العالم نستغيث بأمة المليار مسلم التي يدعوها دينها بالتكاتف .. نستغيث  ولا مغيث .. فهل ستظل آذان العالم متصاممة عنا.
مختار بابتاح ـ مخيم دنماجا للاجئي افريقيا الوسطى ـ جنوبي تشاد

اقرأ أيضا