إعفاء محمد غلام ولد الحاج الشيخ من منصبه كنائب لرئيس الجمعية الوطنية واستبداله بفاطمة منت الميداح أثار تساؤلات عديدة ففى حين رآه بعض العارفين بالحزب والمقربين منه إجراء طبيعيا روتينيا لاشية فيه رأت تفسيرات أخرى أن للأمر علاقة بالحملة الحالية التى يواجهها الحزب من طرف رئاسة الجمهورية ومستشاريها وصحافتها وأنه يعنى إبعادا لصوت عصبي يمثله ولد الحاج الشيخ ربما هو الذى عناه رئيس الجمهورية فى خطاب النعمة عندما قال إن وزراءه فى أحاديثهم عن التغييرات الدستورية والمأمورية الثالثة كانوا يردون فقط على استفزازات تحت قبة البرلمان وأن اختيار صوت "أملس" الحنجرة هو محاولة لتجاوز "نرفزات" ولد الحاج وجرعة تهدئة ضرورية للرئيس الغاضب من الحزب درجة التلويح بحله علنا
وتذهب بعض التفسيرات للقول بأن شظايا حملة الرئاسة والتهديد بحل الحزب وصلت إلى قيادته التى ارتأت عبر هذا التغيير المفاجئ إدخال "الحمائم" وإبعاد "الصقور" ولومؤقتا لامتصاص تلك الشظايا ومواجهتها ومن الصدف أن معظم "حمائم" الحزب هي من الجناح "الأسري" للرئيس جميل منصور وهو مايساعد الرجل على البقاء رئيسا بلامنازع للحزب خاصة وأنه ملك دائما قوة النفوذ والثقافة والوجاهة والكريزما واللسان للبقاء دون منافس "مرعب" من داخل الحزب
ومن الواضح ولأنه لادخان من دون نار أن شيئا جديدا "يطبخ" على "عصب هادئ" داخل الحزب لمواجهة تهديدات الرئاسة بحل الحزب والتى عبر عنها بلسان فصيح وواضح دون لبس أوتعمية المستشار الكنتي فى لقائه الصحفي الأخير
فهل يتعلق الأمر بجنوح التواصليين للتهدئة وتجنب مواجهة غير متكافئة مع السلطة ربما فالتواصليون يدركون حجم المخاطر التى تتربصهم وليسوا مستعدين للتحول إلى ثور أبيض فى مشهد سياسي محلي طالما تحركوا فيه كالسائر فى حقل ألغام باحثين عن مصالحهم ومظانها أينما كانت سواء مع الأغلبية أوالمعارضة أوفى المنظقة البرزخية بينهما
إن من يعرف حزب تواصل قد يفهم أنه لاغرابة مثلا فى دخوله للحوار القادم حفاظا على رخصته وتماسكه ومكتسباته وانطلاقا من قاعدتين أساسيتين أن اليد التى لم تستطع أن تقطعها قبلها وأنه للنجاة من العصا يجب الدخول تحت إبط ممسكها
وليس التواصليون أغبياء لدرجة نفض أيديهم من الحزب ومواجهة النظام عبر ميراث من الكتب والعنتريات والآثار الايديولوجية الرومانسية التى لاتحفظ مكتسبات ولا تزرع قدما فى مشهد سياسي كتربة الشاطئ تنهار كل حفرة فيه تحت أقدام العابرين