إبراهيم غالي قائد سياسي صحراوي، يعد من أبرز الفاعلين في قضية الصحراء الغربية، وأحد أشهر العسكريين الذين قادوا جبهة البوليساريو في حربها ضدالمغرب (1976-1988). تولى منصب وزير دفاع الجبهة، وعمل سفيرا لها في الجزائروإسبانيا. وانتخِب يوم 9 يوليو/تموز 2016 أمينا عاما للجبهة خلفا لزعيمها الراحلمحمد عبد العزيز.
وُلد إبراهيم غالي يوم 19 أغسطس/آب 1949 في مدينة السمارة (إقليم الساقية الحمراء) بالصحراء الغربية لأسرة من قبيلة الرقيبات، فخذ أولاد طالب.
لم يتلق غالي تكوينا مدرسيا ذا شأن، وإنما اقتصر تحصيله على الكتاب التقليدي، إذ درس علوم اللغة العربية وبعض المتون الفقهية، وتميز لاحقا بين رفاقه بفضل هذا التكوين، فقد كان أغلب مؤسسي البوليساريو من خريجي المدارس العصرية الإسبانية والمغربية التي تسود فيها اللغتان الإسبانية والفرنسية.
تولى إبراهيم غالي عددا من المناصب الرفيعة حزبيا وسياسيا وعسكريا في نظام جبهة البوليساريو، من بينها وزارة الدفاع وعضوية اللجنة التنفيذية وعضوية الأمانة الوطنية، كما كان سفيرا لها في كل من إسبانيا والجزائر. وشارك في الوفد الصحراوي المفاوض للمغرب بدءا من عام 1989.
مال إبراهيم غالي لأفكار اليسار في تلك المرحلة التي ساد فيها الفكر الثوري.
انخراط -وهو شاب- في الحركة الصحراوية ضد الاستعمار الإسباني التي كان يتزعمها محمد البصيري، فكان أحد مؤسسي "المنظمة الطليعية لتحرير الصحراء الغربية" عام 1969 بزعامة البصيري، وأصبح أمين سرها.
شارك في تأسيس "الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب" (البوليساريو) وانتخِب أول أمين عام لها في أول مؤتمر تعقده يوم 10 مايو/أيار 1973، فقاد أول عملية عسكرية يوم 20 مايو/أيار 1973 كانت بمثابة الشرارة الأولى لإعلان الكفاح المسلح ضد إسبانيا، ثم كان حاضرا بقوة في كل المعارك العسكرية التي خاضتها الجبهة بعد ذلك.
تنحى غالي عن الأمانة العام للجبهة في مؤتمرها الثاني (أغسطس/آب 1974) فتولاها الزعيم التاريخي للجبهة الولي مصطفى السيد، وظل فيها حتى مقتله إثر هجوم شنته البوليساريو على العاصمة الموريتانية نواكشوط يوم 9 يونيو/حزيران 1976.
وحين أسندت قيادة الجبهة إلى محمد عبد العزيز في مؤتمرها الثالث المنعقد في أغسطس/آب 1976، عُين غالي عضوا في لجنة العلاقات الخارجية بالمكتب السياسي للجبهة، فمثلها من موقعه ذلك في العديد من المؤتمرات والمحافل الدولية، وشارك عام 1975 في الوفد الصحراوي المفاوض لإسبانيا بشأن انسحابها من الصحراء.
أعلنت جبهة البوليساريو يوم 26 فبراير/شباط 1976 تأسيس "الجمهورية العربية الصحراوية الشعبية الديمقراطية" التي ظل مقرها قائما في تندوف جنوبي غربي الجزائر، وشكلت في مارس/آذار الموالي أول حكومة لها عُين فيها غالي وزيرا للدفاع.
بقي في منصبه هذا -الذي قاد من خلاله الجبهة في حربها ضد المغرب- حتى 1989، حيث أصبح قائدا للناحية العسكرية الثانية خلال 1989-1993، ثم عاد إلى تقلد وزارة الدفاع من 1993 إلى 1998.
عينته الجبهة "وزيرا للمناطق المحتلة" ما بين 1998 و1999، وممثلا لها في إسبانيا خلال 1999-2008، ثم أصبح عام 2008 سفيرا مفوضا فوق العادة للجبهة في الجزائر. وفي المؤتمر الرابع عشر المنعقد خلال يناير/كانون الثاني 2016 تولى أمانة التنظيم السياسي في الجبهة.
وفي يوم 9 يوليو/تموز 2016 انتخبته جبهة البوليساريو -خلال مؤتمر استثنائي عقدته في مخيمات اللاجئين بتندوف- "بأغلبية ساحقة تجاوزت 90%" من المشاركين (عددهم نحو 2400 مندوب)، أمينا عاما لها ورئيسا للجمهورية الصحراوية خلفا للراحل محمد عبد العزيز الذي توفي يوم 23 مايو/أيار 2016، وتولى قيادة الجبهة بعده مؤقتا رئيس البرلمان الصحراوي خطري آدوه.
وكان غالي مرشحا وحيدا لهذا المنصب نظرا لكونه "أنسب شخصية سياسية وعسكرية محنكة بإمكانها خلافة محمد عبد العزيز في قيادة الجبهة"، حسب تعبير سياسيين صحراويين.
وقد أدى غالي بُعيد انتخابه اليمين الدستورية أمام أعضاء المحكمة العليا الصحراوية والمؤتمرين مرتديا الزي العسكري. وهو ما رأى فيه مراقبون رغبة منه في إظهار تصميم البوليساريو على تحقيق "استقلال الصحراء عن المغرب".
ألقى زعيم البوليساريو خطابه الأول أمام المؤتمرين، حيث دعا قيادات الجبهة إلى "ضرورة تحقيق إصلاحات نوعية على مستوى تقوية البناء التنظيمي والمؤسساتي" للجبهة.
وأضاف غالي أنه "يجب مواصلة وتكثيف الجهود الرامية إلى تقوية جيش التحرير الشعبي الصحراوي وتنويع برامج التكوين والتدريب العسكرية المتخصصة، ودعمه المستمر بالطاقة الشابة والنوعية، وجعله في أقصى درجات الجاهزية والاستعداد لكل الظروف والاحتمالات بما فيها الكفاح المسلح"، مؤكدا أنه "ليس أمام الصحراويين إلا حلان لا ثالث لهما: إما الاستقلال وإما الشهادة".
المصدر : الجزيرة