على غير العادة، يتابع المغاربة اليوم خطاب المسيرة الخضراء منقولا من خارج رحاب القصر الملكي؛ بل من أدغال القارة الإفريقية، حيث ما زال الملك محمد السادس يجري جولاته بين شرق القارة وغربها لتدعيم قرار عودة المملكة إلى ردهات الاتحاد الإفريقي، حسب قراءات العديد من المراقبين.
عديدة هي الرسائل التي تحملها خطوة إلقاء الملك لخطاب الذكرى الـ41 من المسيرة الخضراء من شبر آخر من القارة الإفريقية، وبالضبط العاصمة السينغالية دكار، حيث وصل الملك اليوم لإجراء زيارة رسمية وإجراء مباحثات مع الرئيس السينغالي ماكي صال.
وفي تعليقه على الخطوة التي تشكل سابقة في تاريخ خطابات الملك، قال الموساوي العجلاوي، الخبير في الشؤون الإفريقية، إن "اختيار السينغال من أجل إلقاء خطاب المسيرة فيه تحية من المغرب للبلد الذي لم يسبق أن سجل عليه أي تخاذل أو تهاون في الانتصار للقضية المغربية"، مضيفا أن السنيغال يعد البلد الوحيد الذي حافظ على موقفه المساند للمملكة.
وأضاف العجلاوي، في تصريح لهسبريس، أن كلمات الرئيس السينغال ماكي صال، تعقيبا على اختيار المغرب لبلده من أجل إلقاء الخطاب، خير دليل على العلاقات المتينة التي تربط البلدين، قبل أن يزيد: "مختلف الحكومات المتعاقبة عبّرت عن مساندتها للمغرب، والشعب السينغالي كذلك".
وضمن الرسائل التي قرأها العجلاوي، أشار إلى كون إلقاء الخطاب الملكي من خارج المملكة رسالة إلى جيران المغرب، وبالضبط موريتانيا والجزائر، مفادها أن حدود المملكة لم تعد تلك الحدود الطبيعية المعروفة والتي يمكن معها محاصرته بالشكل التقليدي القديم، قبل أن يضيف أن المغرب نجح في جعل العمق الإفريقي بمثابة حدوده الحقيقية بعد الزيارات الأخيرة، حسب المتحدث ذاته.
وزاد العجلاوي اختيار السنيغال يمثل أيضا رسالة لباقي البلدان الإفريقية مفادها أن ربط الحضور المغربي في إفريقيا بالصحراء مسألة مفروغ منها، مشددا على أن قرار العودة إلى الاتحاد الإفريقي لا يعني التخلي عن قضية المغاربة الأولى.
ولم يفت الخبير في الشؤون الإفريقية التذكير بالسياق العام الذي تأتي فيه الخطوة، مشيرا إلى الزيارات المتكررة للملك إلى إفريقيا وخاصة شرق القارة، إضافة إلى طلب المغرب الانضمام إلى مؤسسة الاتحاد الإفريقي، فضلا عن سلسلة تعينات جديدة في صفوف السفراء المغاربة بالبلدان الإفريقية؛ وهو ما يمثل، حسب المتحدث ذاته، مقاربة دبلوماسية جديدة.
بقلم: أيوب التومي