بات التقدم لخطبة فتاة موريتانية هذه الأيام أشبه بالامتحان الصعب الذي يمر بمراحل فرز متعددة تبدأ بالمستوى الأول وهو الفرز على أساس اجتماعي وعرقي، فلكل قبيلة وعائلة في هذه البلاد حزازات تاريخية ومناطقية بل وحتى جغرافية تجعلها ترفض تزويج هذا لأنه من الفلانيين!! وذلك لأنه من قبيلة محاربة أو غير محاربة لايهم إذ للطرفين اشتراطاتهما.
بعد أن يتجاوز"عريس الغفلة" المستوى الأول بأعجوبة، عليه أن يتقدم للامتحان المادي الأصعب والأكثر تكلفة.
البداية من الصداق الذي لايقل عند هذه العائلة عن كم مليون؟ بينما لاتقبل تلك العائلات إلا أرقاما فلكية لاتتوفر لغير الميسورين، إذا قدر لصاحبنا أن يتجاوز الصداق فإن المطبات لاتتوقف هنا، عادات أخرى وتقاليد بعضها غريب وغير واقعي بالمرة
أولا"السلام" وهو مبلغ مالي تقديري يدفعه الزوج لأهل العروس مباشرة بعد التفكير في خطبة الفتاة، للتذكير لا أساس لهذه العادة في الشريعة الإسلامية على الأقل أما أصلها العرفي فغير واضح أيضا.
العادة الثانية الأكثر غرابة هي "بونتي" وكانت في البداية على أيام البساطة مجرد حلوى صغيرة "ناته" لكنها تحولت مع الجشع المتسارع للمجتمع لتصبح شوكولاته وبطاقات تزويد ثم هواتف ذكية وصولا إلى عدة ملايين من الأوقية، للتذكير "بونتي" إسم لشوكولاته برازيلية تصنع من جوز الهند فكيف استطاعت بقدرة قادر أن تصبح جزءا أصيلا من عادات الزواج لدى مجتمع بدوي منزوي في الشمال الغربي للقارة الإفريقية؟ ذلك لغز جغرافي واجتماعي لا أجد له تفسيرا.
ثالثة الأثافي هي عادة " تمراك السبوع" وهي مبلغ مالي محترم أو هواتف ذكية أو هما معا يدفعه الزوج أسبوعا واحدا بعد عقد قرانه أما لماذا هذه الضريبة المبكرة فإنني أيضا بحثت دون جدوى عن أصل لها ولم أعثر على شيء.
بعد كل هذه الخسائر المادية فقط خلال عقد القران تبدأ خسائر أخرى لاتقل فداحة.
شهر العسل وهو العادة القادمة من خلف الحدود عبر المسلسلات التركية والمكسيكية، ويستلزم سفرا وإقامة في فنادق خمس نجوم وتذاكر سفر إلى تركيا أو اسبانيا أو المغرب حسب أهواء أهل العروس ولن يشفع للرجل كل ماصرفه في المراحل السابقة لأن شهر العسل ضرورة وغاية ولازواج بدونه، للتذكير لم يشتهر في تاريخ هذه البلاد القاحلة تعلق بالعسل أحرى أن يكون له شهر مقدس في عادات الزواج.
بالمحصلة لن يصل الزوج المسكين إلى الحياة الأسرية الحقيقية إلا بعد أن يكون قد وصل إلى حافة الإفلاس ، فيصبح فتح بيت وتجهيزه بالأثاث مهمة شبه مستحيلة،
وهو مايفسر هذا العزوف المستمر لشباب اليوم عن الزواج نظرا للمصاريف الفادحة والعراقيل الكبرى التي ترمى أمام الراغبين من الشباب في إكمال دينهم، أما نتيجة ذلك العزوف فواضحة، نسب عنوسة وطلاق هي الأعلى عربيا وتفكك أسري وانحلال أخلاقي بات مرضا مزمنا يحتاج إلى المعالجة.
بقلم: حنان محمد سيدي