واصل المدونون الموريتانيون المهتمون بمستقبل علاقات موريتانيا والمغرب تزامنا مع تحليلات لمواقع إخبارية موريتانية مهتمة بالموضوع ذاته، لحد أمس استكناههم للمهمة التي يؤديها حاليا لليوم الرابع في موريتانيا، ناصر بوريطة الوزير المنتدب في الخارجية المغربية، حيث أنه قدم إلى موريتانيا مع رئيس الحكومة المغربية لكنه لم يعد للرباط.
وطرح المتتبعون أسئلة عديدة حول مهمة ناصر بوريطة في نواكشوط، ونشرت تعليقات عديدة حول مهمته الحالية بين من يعتقد أنه يعد لزيارة مرتقبة للملك محمد السادس لموريتانيا عرضها رئيس الحكومة المغربية على الرئيس الموريتاني خلال لقائهما الأخير، ومن يقول بأن ناصر بوريطة مكلف، وهو رجل الخارجية المغربية القوي، بإجراء اتصالات معمقة مع المسؤولين الموريتانيين لنزع الأشواك التي توتر العلاقات الموريتانية المغربية.
وثمة محللون آخرون يرون أن مهمة بوريطة تقتصر على ترتيب أمور السفارة المغربية تمهيدا لاعتماد سفير مغربي جديد مكان السفير عبد الرحمان بن عمر الذي توفي الأربعاء الماضي.
ومع أن مصادر إعلامية محلية تحدثت عن لقاءات بين رئيس الوزراء الموريتاني وناصر بوريطة، فلم تنشر وسائل الإعلام الرسمية الموريتانية لحد ظهر يوم أمس أي خبر عن نشاطاته أو لقاءاته الرسمية. وذكر موقع «أقلام حرة» الموريتاني المستقل «أن زيارة بوريطة تدخل في إطار التحضير لزيارة يتوقع أن يقوم بها الملك محمد السادس لنواكشوط». ونقل الموقع عن مصادر له قولها «إن بوريطة منشغل بين أمور أخرى بالإعداد لانعقاد اللجنة العليا المشتركة الموريتانية المغربية، غير أن محللين آخرين يعتقدون أن بقاء الوزير والوفد المرافق له لأيام قد تكون من أجل الدراسة المعقمة لمواضيع الخلاف الرئيسية العالقة بين البلدين والتي من دون حلها ستظل العلاقات بين موريتانيا والمغرب معرضة لهزات قد تكون أقوى من الهزة الأخيرة.»
وأكد موقع «أقلام حرة» في تحليله «أن العناوين الرئيسية لأبرز الملفات التي قد تكون هي ما يورط بوريطة في نواكشوط، تتوزع ما بين ملفات ذات أهمية بالنسبة للموريتانيين مثل الموقف المغربي من السلطة الحالية واحتضان معارضتها، وسلوك المغرب تجاه موريتانيا خلال القمة العربية الأخيرة في نواكشوط، والاستهداف المستمر لموريتانيا من طرف الإعلام المغربي، وتشييد ميناء الداخلة (في الصحراء الغربية) وتحويلها إلى منطقة حرة، أما ما قد يهم المغاربة فهي ملفات من قبيل عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي، ووضعية منطقة قندهار الحدودية، وإمكانية الانخراط في التنسيقات الأمنية بين دول الساحل، وحرية أكبر في العبور من الأراضي الموريتانية نحو دول غرب أفريقيا «.
«الاتفاق على ملفات من هذا القبيل، تضيف «أقلام حرة»، هو ما يمكن أن يخمد أزمة تمكنت زيارة الوزير الأول المغربي من نزع فتيلها، غير أنها من دون حل هذه الملفات ستظل قائمة».
وذهب موقع «نون ابرس» الإخباري المغربي إلى «أن بقاء الوزير المغربي المنتدب في الخارجية في موريتانيا، يؤكد عودة القنوات الدبلوماسية بين البلدين، وبمستويات أعلى، حيث أن الوزير المغربي سيعوض السفير المغربي لأيام، سيتم خلالها عقد اجتماعات مع مسؤولين رفيعي المستوى من البلدين، سيمهد إلى تبادل زيارات رسمية بين البلدين اللذين تربطهما علاقات اقتصادية وروحية متينة».
ولم تنس هذه التطورات المدونين الموريتانيين ولا مواقع الأخبار الموريتانية تتبع الخطأ الذي اقترفه مؤخرا أمين عام حزب الاستقلال حميد شباط حيث واصل الجميع نشر أخبار تورطه في المغرب وتوقيع عريضة من قيادة حزب الاستقلال تطالب بإزاحته واستخدام الفيتو ضد دخوله للحكومة المغربية قيد التشكيل. وقد اضطرت قناة «الوطنية» الموريتانية الخاصة لتأجيل بث مقابلة أجرتها مع حميد شباط عبر تطبيق «أسكايب»، وذلك لأسباب تتعلق باستمرار الغضب الموريتاني من تصريحات شباط.
وأكد محمد ولد آمه الذي حاور حميد شباط في حديث قصير مع المشرف على صفحة حزب الاستقلال المغربي على «الفيسبوك»، «أن القناة اضطرت لتأجيل الحلقة إلى وقت آخر متفق عليه». وأكد الصحافي الموريتاني في المحادثة «وقع خلل فني تسبب في اضطرار القناة لتأجيل البرنامج إلى وقت آخر متفق عليه»، دون أن يعطي تفاصيل أخرى.
وتأتي هذه التطورات في خضم أزمة سياسية وديبلوماسية أثارتها تصريحات لأمين عام حزب الاستقلال قبل أيام اضطرت المملكة المغربية للاعتذار عنها لموريتانيا عبر مكالمات وبيانات وعبر زيارة أداها لموريتانيا عبد الإله بن كيران رئيس الحكومة المغربية. وفيما ينتظر الجميع انعكاسات المصالحة المغربية الموريتانية على أرض الواقع، أكد موقع «زهرة شنقيط» الموريتاني الإخباري المستقل نقلا من مصادر دبلوماسية رفيعة «أن الاجتماع الذى عقده الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز ورئيس الوزراء المغربى عبد الإله بن كيران في مدينة أزويرات بولاية تيرس زمور، بدد أبرز نقاط التوتر الأخيرة».
وأوضح الموقع «أن اللقاء جرى فى ظروف مقبولة، وأن الوزير المغربي كان منفتحا ومرحا طيلة الاجتماع، وعبر بشكل صريح عن اعتذار المملكة وشعبها لموريتانيا، وعرض تجاوز كل النقاط الخلافية». «وقد تلقى، يضيف الموقع، وعدا من الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بتسوية الأمور العالقة ( ملف السفراء واللجنة المشتركة)، وأكد له قبول الحكومة الموريتانية للاعتذار وارتياحها لتصرف المملكة بعد تصريحات شباط الأخيرة».
وحول ما أثير من أخطاء بروتوكولية خلال زيارة بن كيران، أكدت «زهرة شنقيط» «أن مسألة توديع المغربى فى المطار من قبل الوالي وقائد المنطقة العسكرية اللواء إبراهيم فال ولد الشيباني، وغياب وزير الخارجية اسلكو ولد أحمد أزدبيه، تعتبر إجراء بروتوكوليا عاديا».
وأضاف مصدر «الزهرة» قائلا «من يستقبله الرئيس يودعه الوزير الأول، ومن يستقبله الوزير الأول يودعه أحد الوزراء، ومن يستقبله وزير فى الحكومة يودع من قبل مسؤول آخر.. الأمور سارت كما يرام خلال اجتماع تيرس زمور».
القدس العربي