في6/10/2011 كتبت مقالا تحت عنوان العلاقة مع إيران الخطر القادم يومها ضجت الساحة وغضب مني الأقربون من أهل الانتماء الإسلامي قبل غيرهم باعتباري تجنيَّت على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأنني تحدثت عنها بحديث غير لائق.
تحملت يومها العتاب وأصررت على القول الذي أوضحت؛ لم تكن مليشيا الشيعة الممولة إيرانيا قد أشعلت حروبها وعاث تدميرها يجوس خلال الديار اليمنية والسورية والبحرينية وقبل أن تُمزج دجلة بدم الطائفية البغيضة.
حين ندق ناقوس أي خطر فإننا نحاول من خلال تلك الخطوة أداء الواجب و إبراء الذمة والقيام بما يمليه الانتماء الوطني و يُحتمه واجب النصح للقوم , لذلك لم يكن من الممكن التغاضي عن تلك الخطوات المتسارعة التي تنقلها وسائل الإعلام هذه الأيام ببرودة لا تتناسب مع ما تحمله في طياتها من مخاطر تشي بتغلغل المد الإيراني واتساع دائرة نفوذه من خلال اتفاقيات مشتركة يتم بموجبها وضع بنزين الرغبة في التوسع التي تسيطر على تفكير حكام طهران الطائفيين، بجانب نار الطمع التي تتقد في وجدان دوائر الطمع والانتفاع من أي جهة تدفع بعض النظر عن خلفيتها وما يترتب على فتح الباب لخططها الجهنمية .
لقد كان من الضروري استشعار حجم الخطر الذي يمكن أن يترتب على ما تم الإعلان عنه من إبداء طهران رغبتها في تعاون عسكري مع موريتانيا تتولى بموجبه تدريب و تكوين ضباط موريتانيين مع ما يتيحه ذلك من فرصة التأطير والتجنيد، ثم الاختراق، فتمرير الأجندة الخاصة والعبث بأمن الوطن بل وتعريض أمن كل المنطقة للعبث الإيراني الذي أثبتت التجارب أنه عبث دموي ينظر أهله إلى العالم الاسلامي خصوصا من ثقب الطائفية الحاقدة والعنصرية المقيتة لا يردع أهله وازع من خلق، ولا يرقبون في بلد إلا أو ذمة.
سخاء طهران في توزيع الأموال والهدايا على حكام الدول التي تضعها في قائمة الاختراق لا يعادله إلا سخاؤها في توزيع الموت في طرقات وشوارع تلك الدول حين تستوي طبختها على نار طمع تحرق بها الأخضر واليابس بدون شفقة عند ما تشتد شوكة خلاياها النائمة التي تم تجنيدها على حين غفلة من المجتمع وتمت صناعتها على أعين الأجهزة الرخوة بعد تفريطها في حماية كيان الأمة المنهك.
العرض العسكري الإيراني " السخي " جاء بعد أيام من تحركات دبلوماسية للسفير و لقاءات رسمية جمعته بوزراء و قادة رأي وصحفيين؛ فكان ظاهر تلك اللقاءات هو تعزيز التعاون أما باطنها فقد قطع المسافة الى حسينية في دار النعيم و ما يثار فيها وحولها خير مثال , والأخطر في تلك اللقاءات هو ما جرى مع وزارة الدفاع الوطني؛ ذلك اللقاء الذي يشي بفتح الباب رسميا ليدلف منه الطموح الإيراني إلى ساحة قواتنا المسلحة تلك المؤسسة التي تعتبر الضامن بعد الله لوحدة وحماية الوطن وبث قيم التضحية من اجله وانسجام الصفوف دفاعاعنه٠
إن مقابلة وزير الدفاع مع السفير الإيراني تمثل باكورة الخطر على الأمن القومي الوطني، وتنذر بزوال أي نوع من الحصانة عن قواتنا المسلحة في وجه خطط التغلغل وشراء الولاء لجهات متعددة.
لقد كان هذا الكلام مستفزا يوم السادس من أكتوبر عام ألفين وأحد عشر، أما الآن وقد أشرعت الأزمات أبوابها تلتهم الوطن العربي والإسلامي، وتغزو ربوع إفريقيا بالحقد ونشر التشيع فإن الأولى أن تنصت له آذان الغافلين قبل النبهاء.
أفهم أن التحالفات الدبلوماسية لدى بعض الأنظمة شبيهة بالأسواق يتصرف النهمون فيها غريزيا بدافع اتقاء صرف أي درهم، وبرغبة جامحة في الاستيلاء على أي دينار، لكن النظر إلى المصالح العليا والأمن القومي للأمم والشعوب يجب أن يتم وفق مقاييس أخرى. إذا اختار نظام سياسي تغيير جلدة التحالفات على وقع "خواطر الكومسة" "أو ابتزاز جهة ما"فقد سلك الطريق الخطأ في إدارة شؤون الحكم، واختار أقصر السبل إلى تضييع الحقوق التي استؤمن عليها.. لكن عليه أن يفعل كل ذلك في ساحات كثيرة، ستملأ خزائنه، وتمحق رزق الأجيال،. لكن ليدع للأجيال القادمة أصل وجودها سنستمر في دق ناقوس الخطر القادم من إيران لأن التجارب أثبتت أن العلاقة معها شر لا يترتب عليه إلا شر، و التغاضي عن سمومها المبثوثة على شكل أموال و هبات وحقد وانحراف في كل شيء وتعكير لمزاج الانسجام هو خطأ في حق الأوطان وخطيئة في حق شعب سيكتوي يومًا - إن لم يتداركه الله بحفظه - بنار مؤامرات خبيثة وبرغبات التوسع التي دمرت دولا و حولت حياة شعوب إلى جحيم من الفرقة و التناحر .
محمد غلام الحاج الشيخ