قالت مستورة محمد، مديرة مكتبة سيلانجور العامة في ماليزيا، بأنه يتوجب على الناس أن يقصدون المكتبات طوعا، وبالتالي يتوجب أن تكون المكتبات العامة وثيقة الصلة بالمجتمع، فعندما تكون المكتبات قريبة من المجتمع، ستلعب دورا حاسما. جاء ذلك خلال كلمة خاطبت خلالها أمناء المكتبات خلال المؤتمر المشترك الأول بين جمعية المكتبات الأمريكية ومعرض الشارقة الدولي للكتاب الذي عُقد في مركز إكسبو الشارقة أمس الاربعاء.
واستعرضت مستورة رحلة إطلاق العلامة التجارية الجديدة لمكتبة سيلانجور العامة وترويجها، قائلة بأن هذه الجهود أدت إلى زيادة عدد مستخدمي المكتبة إلى ثلاثة أضعاف ما بين عامي 2011 و2013 مقارنة مع الأعوام السابقة. وقالت: "لا يمكن إنجاز عملية إطلاق الهوية الجديدة بين ليلة وضحاها، حيث استغرق الأمر 6 سنوات لإنجاز المرحلة الأولى فقط، وهي المرحلة الأهم من عملية ترويج المكتبة بهويتها الجديدة". وأضافت: "في نهاية المطاف باتت المكتبة الحديثة مكانا نعشق جميعا التوجه إليه مع الأصدقاء وأفراد العائلة، فالمكتب ينبغي أن تكون مكانا للمتعة والمرح، حيث بإمكاننا العمل، وتناول الطعام، واللعب، مكانا تشعر بالألفة في رحابه، وبأنك في منزلك الثاني".
وتابعت: "من العناصر الرئيسية لنجاح عملية إعادة هيكلة العلامة التجارية أن تمتلك المؤسسة ما يكفي من الكوادر البشرية والموازنة، والقدرة على إقناع صناع القرار، وكافة أصحاب المصلحة والمعنيين، ورئيس الوزراء، والوزير بأن المكتبة بالغة الأهمية ووثيقة الصلة بالمجتمع". وأضافت: "نأمل من خلال عملية ترويج العلامة التجارية الجديدة تحويل المكتبات إلى أداة لبناء الأمة. نريد من مكتباتنا أن تصبح أكثر من مجرد مكتبات، نرغب أن تمثل وجهة التعليم بعد ساعات الدراسة داخل المدارس، وأن تكون المعلم والمربي تماما كما المدرسين في المدارس".
وإنطلقت عملية إطلاق العلامة التجارية الجديدة بسؤال هام وجهته لنفسها: "أنا من أؤلئك الناس الذين لا يقصدون المكتبات، وأعتقد هناك الكثير مثلي، على الأقل في بلدي، وبدأت رحلة إطلاق العلامة التجارية الجديدة إنطلاقا من هذه الفكرة، ما الذي يتمناه شخص مثلي من المكتبة؟ أنا استمتع بوجود بيئة تدعو للإسترخاء في فندق، ديكور وتصاميم داخلية عصرية، منشآت ومرافق. ماذا لو أخذت هذه العناصر ودمجتها معا في مكتبة عامة؟"
والنتيجة تحول كامل لمكتبة سيلانجور العامة، والتي يعود تأسيسها إلى العام 1971، وإنتقلت إلى المبنى الجديد في العام 1986، قبل البدء بعملية إعادة إطلاق العلامة التجارية في العام 2008".
وتم اختيار أربع أفكار لأغلفة كتب هي المجرة، الأرض، المحيط، والجسم البشري، كونهم يجسدون خلق الله، وقالت: "قمنا بإختيار هذه المواضيع لتذكير أنفسنا بأن كل شيء في هذا الكون من صنع الخالق"، وتابعت: "تضم المكتبة منطقة ترفيهية، تم تجهيزها كردهة فندق، ومسرح ثلاثي الأبعاد، وقاعة إبداعية للأطفال، تتضمن معظم التطبيقات التفاعلية للمكتبات، وجلسات تنمية ذاتية تعمل على بناء الثقة لدى الصغار من خلال المحاضرات. كما تم تجهيز القاعة بغرفة رياضة وغرفة استحمام، وغرفة تبديل ملابس، وبمدرب خاص.
بدأت رحلة إعادة إطلاق العلامة التجارية مع تحديد أربعة مجالات تحتاج إلى معالجة وتحسين، هي: "العنصر البشري العامل في المكتبة: تغيير في القلب، والعقل، والسلوك، على كافة المستويات"، "المبنى: جعل المكتبة جذابة وأكثر ملاءمة، و"تشكيلة الكتب- محتويات تُسهم في تكوين عقول الناس وشخصياتهم"، و"البرامج: تعمل على إضافة قيمة وجعل المكتبة أكثر تواصلا مع حياة الناس".
"تم إنتهاج إستراتيجية منظمة وجرت عملية إعادة إطلاق العلامة التجارية بالتدريج، وشملت على التركيز على السوق الأوسع، وإعادة هيكلة حدودها السوقية، والتركيز على شرائح سوقية غير مستغلة، والذهاب بعيدا عن حاملي درجات الدكتوراة، والباحثين، وعشاق الكتاب، والطلبة، لنشمل ربات البيوت، وكبار السن، والطلبة المتسربين".
وقالت: "هناك عنصر آخر في عملية إعادة الهيكلة يكمن في تدريب الموظفين وخلق مكان مشجع ومريح للموظفين. فنحن بحاجة إلى إشعارهم بالفخر بالإنتماء إلى هذه المؤسسة، والشعور بأن محل تقدير ورعاية، فهم بحاجة إلى فهم ما تفهمه الإدارة، ورؤية ما تراه الإدارة".
وفي جلسة أخرى من المؤتمر، تحدث مايكل ليفين كلارك، عميد جامعة دنفر لشؤون تواصل الباحثين والمكتبات، عن توجهات وإستراتيجيات وإمكانات الموارد الإلكترونية في المكتبات الأكاديمية، وقال: "يتطور دورنا حيث بات من الواجب علينا إدارة اتجاهات متعددة، وفهم نماذج متعددة، بيد أن الموارد الإلكترونية تفرز تحديا بالنسبة لأمناء المكتبات، يكمن في تحديد المجال الأهم الجدير بالحفظ في مجموعات الكتب الورقية".
وأكد ليفين كلارك بأن هناك دوران تضطلعان به المكتبة الأكاديمية هما توفير المحتوى للطلبة والكادر التدريسي من جهة، وتكوين مجموعات كتب كرصيد دائم للمكتبة من جهة أخرى. وقال: "أدى وجود الموارد الإلكترونية إلى تحفيزنا على إعادة التفكير بهذه المجموعات، وحتى بدور المكتبة ذاتها، وأن نكون أكثر تركيزا على خدمة المستخدم، وتقديم محتويات لم يكن بإمكاننا تقديمها في عالم الكتب الورقية من قبل".