فاطمة فتاة كسرت قيود مجتمعها و نذرت نفسها للتعليم . تخطت جميع العراقيل التي وضعت في طريقها . لم تكن تتخيل يوما أن هنالك ما هو أصعب من الحصول علي شهادة معتبرة في الطب في بلد أغلب فتياته همهن الوحيد انتظار فارس الأحلام القادم علي ظهر سلحفاة عرجاء ، مضت السنوات و تخرجت فاطمة من الجامعة حتي إنها حصلت علي وظيفة يسيل لها لعاب خريجو جامعة ا ستانفورد كانت تحسب أن مثيلاتها من الفتيات المتعلمات لهن تأمين ضد العنوسة و مخلفاتها لكن جرت الرياح بما لا تشتهيه ظنون فاطمة مرت الأيام و السنوات و لم يتقدم لفاطمة سوي ابن جيرانهم خريج كلية القانون و العاطل عن العمل طبعا رفض طلبه قبل أن تلمس قدماه عتبة منزلهم لم يكن هذا الرفض منها فهي لم تعلم به أصلا بل من ابيها البرجوازي ، ربما لو علمت هي لكان لكل حادث حديث فاطمة الآن في منتصف عقدها الرابع تنظر يمينا فتجد أختها سارة التي لم تتعلم إلا ما يصلح فرض عينها تعيش في بحبوحة من السعادة رفقة جيش صغير من الأطفال يملئون الجو زغردة و ضجيجا ، و تنظر شمالا فتغبط صديقة العمر بلقيس و التي بدورها صارت ربة أسرة ناجحة بعد أن فصلتها أمها من المدرسة في مرحلة الثانوية و أقعدتها في البيت رهينة (لبلوح) ، لم يبق لدي فاطمة خيار سوي أن تأخذ زمام المبادرة بنفسها و تبحث عن فارس الأحلام فهي الآن تعيش في الوقت بدل الضائع ، و ليست واثقة من نجاحها في ركلات حياة العنوسة ، نصحتها إحداهن بالولوج إلي عالم مواقع التواصل الاجتماعي الافتراضي فهناك قد تجد ضالتها لم ترق لها الفكرة و استعاضت عنها بالبحث في أرض الواقع في كل يوم جمعة كانت تركب سيارتها الفارهة و تتوجه نحو الجوامع و تركن سيارتها غير بعيد تراقب ثم لما أن تري من الرجال ما يتوسم فيه الخير تعرض عليه نفسها البعض كان ينبهر و البعض الآخر كان يأخذ رقمها و يعدها بالاتصال مرت أشهر و هي علي هذا الروتين و لا ثمرة منه أينعت لاقتطافها، أحست بأنها تضيع الوقت و أن الأفضل الاستسلام للقضاء و القدر ، انقضت سنوات شباب فاطمة و فارس الأحلام ما زال لم يخرج بعد من السرداب ، آخر مرة شوهدت فيها فاطمة كانت جالسة القرفصاء في دوار كارفور مدريد مستقبلة القبلة و تردد كلما أبصرت رجلا "الأرض بتتكلم عنوسة"
من صفحة : يونس أحمد