يريدون تغيير العلم؟! عن أي علم يتحدثون؟
العلم يا سادتي مُتغيِّرٌ منذ تم اعتماده قبل ستة عقود إلا قليلا، وحتى هذه اللحظة...
العلم لم يكن البتَّةَ من الثوابت وربما لن..

ليس لدينا علم.. بل أعلام ؛ فالعلم (الممزق) الذي يرفرف على مقر "بروكابك" على شارع الملعب الأولومبي يختلف كليا عن ذلك الذي يرفرف وسط ساحة مدرسة اتويميرت في كيفه؛
يختلف عن ذلك المتموضع دوما على مكتب رئيس الجمهورية؛
يختلف عن العلم الذي يظهر من بعيد وسط حي الزمالك، حيث سفارتنا في القاهرة؛
يختلف عن ذلك العلم المرسوم على عبارة روصو؛
يختلف عن علم صغير تخبئه بين أمتعتها مُسِنَّةٌ موريتانية تدعى خديجه، هاجرت قبل نصف قرن إلى الجنوب الفرنسي، ولا شيء تحتفظ به سوى ذاكرةٍ وعلم؛
يختلف عن علم رفعتُه على ساريته وقلبي واجفٌ ذات عيد استقلال في "أكول دوز" وكنت حينها في السابعة من عمري؛
كل تلك الأعلام تختلف عن بعضها البعض وهي مجتمعة تختلف عن العلم الذي يرفعه ويحييه كل صباح جنودنا في المدارس العسكرية..

أعلامنا تختلف إذن، ويمكنني أن أتحدث عن ثلاث مستويات من الاختلاف:
* تدرجات اللون الأخضر تختلف من علم لآخر، فلكل علم "خصرته" الخاصة، فمن الأخضر الطبيعي، إلى النعناعي، إلى الزيتوني، إلى الزمردي، إلى لون الطحالب إلى الأخضر المائل إلى الصفرة.. إلى كل تدرجات اللون الأخضر الأخرى التي تزيد على العشرين لونا (نظريا كل موجة يترواح طولها بين 520 و 570 نانومتر يمكن أن تعطي اللون الأخضر، ويبقى طول الموجة هو ما يحدد درجة الاخضرار"..،، نفس المشكلة يقع فيها الأصفر وإن بدرجة أقل
* هناك اختلافٌ أيضا في مكان تموضع النجمة والهلال؛ داخل الأخضر، وحجمهما قياسا إلى الأخضر من ناحية، وحجم كل منهما بالنسبة للآخر من ناحية أخرى.
* أما الاختلاف الكارثي والذي رأيته مرفوعا ذات مباراة ل"المرابطون"، حيث اختار المصمم اللون الأبيض الناصع ليجعله حافا لمقبصه فبدا وكأنه شريط عرضي أبيض... فخلته علم باكستان لولا أن تفندون..

لكي أوضح فكرتي أكثر أرجوكم خذوا مكانا وَسَطاً، حيث يمكنكم مشاهدة الوزارة الأولى والهابا وشركة موريتل ووكالة تشغيل الشباب ؛ وقارنوا بين الاعلام في نفس الوقت... ودونوا ما تشاهدون.
ستكتشفون لا محالة أنكم أمام أربعة أعلام مختلفة... هذا مثال فقط.

واليوم يتحدثون عن تغيير العلم.. فأي هذه الأعلام سيغيرون؟
ثم يتحدثون عن اللون الأحمر وهو أكثر الألوان تدرجا، وهو صاحب الموجات الكهرومغناطيسية الأطول على الإطلاق (أتحدث هنا عن ما يمكن للعين البشرية أن تراه، حيث لا يمكنها غالبا أن تستوعب الموجات تحت الحمراء)..
فأي أحمر تُراهم سيضيفون إلى العلم؟ وعلى أي أخضر وأصفر؟

وخْلاصْ

 

من صفحة الشاعر محمد ولد أدوم