إلى الرئيس مسعود
اسمحوا لي يا سيادة الرئيس أن ألفت انتباهكم إلى أنكم ومنذ سنوات لم يعد لديكم من شغل إلا استهلاك ما ادخرتم من رصيد سياسي ونضالي ثمين جمعتموه
بشق الأنفس خلال العقود الماضية.
أيها الرئيس لقد استطعتم خلال عقود من النضال السياسي والحقوقي أن تبنوا مجدا كبيرا فارتقيتم في أعلى السلم، سواء تعلق الأمر بسلم الشريحة أو بالسلم الوطني، فأصبحتم تعدون بفعل نضالكم الطويل المناضل الأول على مستوى الشريحة، و السياسي الأبرز على المستوى الوطني.. هكذا كان حالكم، وإلى وقت قريب، ولكن يبدو أنكم قد قررتم ولأسباب لم أستطع فهمها أن
تخربوا بأيديكم ما بنيتم من مجد سياسي كبير خلال العقود الماضية. فلماذا تفعلون ذلك يا سيادة الرئيس؟ ولماذا تقبلون بأن يجعل منكم الرئيس محمد ولد عبد العزيز لعبة بين يديه يستخدمها في حواراته الأحادية وفي تعديلاته العبثية للدستور؟ ألم يرفض الرئيس محمد ولد عبد العزيز الاستفتاء الشعبي على التعديلات الدستورية لما طلبتم منه ذلك في وقت كان يعتقد فيه بأن
بإمكانه أن يمرر تلك التعديلات عن طريق البرلمان، واليوم لما تأكد من
استحالة ذلك فقد بدأ في التفكير في الاستفتاء الشعبي فهل ستوافقون على
هذه المهزلة الجديدة أم أن ضميركم سيصحو كما صحت ضمائر الشيوخ، وستقولون
له هذه المرة : لا..لا ..لا لن أكون لعبة في يديك.
أيها الرئيس والمناضل الكبير انتبهوا إلى أنفسكم فقد استهلكتم في السنوات
الأخيرة رصيدكم السياسي الكبير الذي جمعتم خلال عقود من الزمن، ولقد أصبح
رصيدكم وحسابكم النضالي يقترب من اللون الأحمر، فارفعوا البطاقة الحمراء
في وجه الرئيس محمد ولد عبد العزيز، فبذلك وحده سيكون بإمكانكم أن توقفوا
النزيف الذي تتعرض له مدخراتكم النضالية، وبذلك وحده سيكون بإمكانكم أن
تختموا تاريخكم النضالي والسياسي بخاتمة سياسية حسنة.
أيها الرئيس اسمحوا لي في ختام هذه الرسالة المختصرة أن أذكركم بكلمة
جاءت في مقابلة أجراها موقع المذرذرة مع العلامة حمدا ولد التاه في
العام 2010، فقد قال هذا الشيخ الجليل لما سئل عنكم :" ومسعود رجل أراده
الناس، فأراد نفسه..".
إلى الرئيس بيجل
بدءا اسمحوا لي أن أقول لكم بأني لا أعتبركم رجل سياسة معارض، ولا أعتبر
حزبكم حزبا معارضا، والحقيقة أني قد بحثتٌ كثيرا عن دليل واحد يسمح لي
بأن أصنفكم معارضا أو أصنف حزبكم حزبا معارضا، ولكني فشلتُ في العثور على
ذلك الدليل. لقد حاولتُ أن أصنفكم معارضا فإذا بي أشاهدكم تتصببون عرقا
وأنتم تستقبلون الرئيس محمد ولد عبد العزيز ليس في "انجاكو" لوحدها بل
وفي شرق البلاد، شاهدتكم وأنتم تستقبلونه بحماس شديد يفوق حماس قادة
الحزب الحاكم. ولقد حاولتُ أن أصنفكم معارضا فإذا بي أسمعكم وأنتم
تفتخرون من تحت قبة البرلمان بالقول بأنكم لم تدخلوا مبنى الجمعية
الوطنية ولم تتحدثوا منذ تم انتخابكم نائبا في العام 2013 قبل الجلسة
المقررة لنقاش التعديلات الدستورية، فهل يعني ذلك بأن المواطنين الذين
انتخبوكم نائبا قد انتخبوكم تبركا أم أنهم انتخبوكم لتتحدثوا عن مشاكلهم
ولتطالبوا بحلها؟ لم يحدث أن سمعت في حياتي نائبا مواليا أو معارضا في
مشارق الأرض أو في مغاربها يفتخر بأنه قضى ثلاث سنوات نائبا ودون أن ينطق
بكلمة واحدة من داخل البرلمان. لقد حاولتُ أيضا أن أصنف حزبكم كحزب
معارض، فإذا بواحد من نواب حزبكم يوكل نائبا من الحزب الحاكم للتصويت
نيابة عنه في واحدة من أهم القضايا التي عرضت على البرلمان الموريتاني
منذ تأسيسه. ألم يكن الأولى بهذا النائب ـ لما قرر أن يتغيب عن التصويت
رغم وجوده قرب الجمعية الوطنية ـ أن يوكل على الأقل نائبا معارضا ليصوت
نيابة عنه، وذلك احتراما للمواطنين الذي انتخبوه على أساس أنه ترشح من
حزب معارض؟
السيد الرئيس إني لا أعتبركم شخصا معارضا، ولكني أعتبركم من الموالاة
الراشدة، وذلك بحكم سنكم وبحكم تجربتكم الإدارية، ولذا فإني أريد منكم أن
تتصرفوا كما تصرف بعض عقلاء الموالاة، وأن تتوقفوا عن السير في هذا
المسار العبثي لتعديل الدستور ..إني أريدكم أن تتصرفوا كما تصرف بعض
الشيوخ المحسوبين على الموالاة والذين صوتوا بلا على التعديلات
الدستورية، وأن تتصرفوا كما تصرف بعض الفقهاء أو بعض السياسيين المحسوبين
على الموالاة والذين عبروا عن رفضهم للتعديلات الدستورية التي سيتم
بموجبها تغيير العلم الوطني.
السيد الرئيس اسمحوا لي أن أنقل لكم هذا المشهد الذي يستحق تأمل العقلاء،
والذي حصل بالقرب من القصر الرئاسي لحظات بعد الإعلان عن إسقاط التعديلات
الدستورية، إنه مشهد يتعلق بمجموعة من الجنود بزيهم العسكري رفعوا وبكل
عفوية إشارات النصر لما علموا بأن التعديلات الدستورية قد تم إسقاطها من
طرف الشيوخ، رفعوا إشارات النصر وهم يقفون غير بعيد من القصر الرئاسي.
أيها الرئيس إني لا أريدك أن تتخذ الموقف الذي على كل شخص معارض أن يتخذه
من هذا المسار، وذلك لأني لا أعتبرك في الأصل معارضا.إني أريدك أن تتخذ
الموقف الذي يجب على كل عاقل في الموالاة أن يتخذه في مثل هذا الظرف
العصيب الذي تمر به بلادنا، وإني لأحسبك يا سيادة الرئيس من عقلاء
الموالاة.
إلى الرئيس يعقوب ولد أمين
أيها السياسي الشاب إن أمامك فرصة كبيرة فلا تضيعها، وإن من أعظم الأخطاء
السياسية التي يمكن أن ترتكبها في حق نفسك وفي حق وطنك هو أن تقرر أن
تنتحر سياسيا وأنت ً في مقتبل عمرك السياسي.
أيها الرئيس لقد أظهرت من خلال تجربتك في البرلمان بأنك تمتلك قدرات لا
بأس بها، وبأنه بإمكانك أن تكون من بين الشخصيات السياسية التي ينتظر
منها أن تعوض جيلا سياسيا كان يسيطر على المشهد السياسي، ولكنه سيودعنا
قريبا بعد أن وصل إلى سن التقاعد السياسي.
أيها الرئيس عليك أن تعلم بأنك من جهة من البلاد قد أصبح الكثير من أطرها
لا يخفي بأنه لم يعد يقبل بأن تبقى هذه الجهة مجرد خزان انتخابي دون أن
يكون لها الحق في أن تتقدم بمنافسين جديين على الرئاسة. هذا الشعور مع
أمور أخرى هو الذي مكن الزين ولد زيدان أن يحقق نسبة لافتة في رئاسيات
2007، ولكن هذا المرشح الذي اختار نفسه، وتخلى عن ناخبيه، واقترب كثيرا
من السلطة، قد ضيع على نفسه فرصة ثمينة، لو لم يضيعها لكان اليوم الشخص
الأكثر حظا في الفوز في الانتخابات الرئاسية المتوقعة في العام 2019.
أيها الرئيس إني لستُ من أصحاب الخطابات الجهوية أو العرقية أو
الشرائحية، ولكني مع ذلك سأنقل لك بعض التذمر الذي أصبحتُ أسمعه وأقرأه
من بعض مثقفي وأطر الولايات الشرقية، وملخص هذا الخطاب يقول بأنه قد آن
الأوان لأن ينتقل الشرق الموريتاني من خزان انتخابي إلى منطقة تتقدم
بمنافسين جديين في الانتخابات الرئاسية القادمة.
السيد الرئيس عليك أن تعلم بأنك إذا ما واصلت تقربك من النظام فإنك ستضيع
وسط الزحام، وستجد بأن الكثير من أطر ومثقفي جهتك قد سبقوك إلى هناك. أما
إذا أخذت مسافة من النظام، فابتعدت عن حواراته الأحادية وعن استفتاءاته
العبثية، فإنك بذلك ذلك ستجد بأنك قد خرجت من الزحام، وحينها سيكون
بإمكانك أن تبرز تميزك، وعندها سيكتب لك عمرا سياسيا مديدا.
أيها الرئيس إن موقفك الذي ستتخذه الآن سيحدد مستقبلك السياسي، ويبقى
الخيار في النهاية لك، فهل ستختار أن تنتحر سياسيا في وقت مبكر أم أنك
ستختار العيش لفترة أطول؟
حفظ الله موريتانيا..