د/ الطيب بن عمر
إن القائمين على الأمر في المملكة العربية السعودية منذ عهد المؤسس الأول جلالة المغفور له الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود طيب الله ثراه الى أيامنا هذه عهد خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله ورعاه كانوا وما زالوا على المستوى اللائق من الريادة والحكمة واليقظة وحسن التدبير والكفآة العالية في القيادة السياسية والفكرية والريادة الإسلامية ، لذلك ظل رصيد المملكة العربي والإسلامي والدولي عاليا وذلك لعملها الدؤوب على كافة المستويات السياسية والعلمية والفكرية والاجتماعية والحضارية مما أكسبها سمعة طيبة ومكانة رفيعة ارتبطت باسمها وقراراتها الحكيمة ، والعارف بالحياة في المملكة العربية السعودية وتاريخها المجيد يدرك بجلاء ما للمملكة العربية السعودية من أهمية قصوى على المستويين الإسلامي والدولي فهي تمتاز بطابعها الفريد والمتميز، حيث هي الدولة الوحيدة التي تتخذ من كتاب الله عز وجل "القرآن" دستورا للحكم والحياة ، وهي بذلك تلائم نفسها على نحو جيد مع أوضاع الحياة المعاصرة ومع احتفاظها بأصالتها العربية وهويتها الإسلامية المتميزة
ولقد امتن الله عز وجل عليها بأن جعل فيها بلاد الحرمين الشريفين، البلاد الطيبة المباركة، وجعل نزول القرآن أكمل الكتب والمهيمن عليها في ربوعها وختم الرسالة بأفضل الأنبياء وسيد البشر، فكانت نشأته ودعوته فوق ثراها، وسخر لحمل كتابه ونشره رجالا صدقوا ما عاهدوا الله عليه " فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا"، ومنذ تأسيس المملكة العربية السعودية على التوحيد والبناء وهي راسخة في توحيدها ثابتة في بنائها، سائرة على الصراط المستقيم بإذن ربها، ترفع راية التوحيد الذي هو حق الله على العبيد، وتطبق شريعته الغراء، وتنشر العلم وتعلي قدر العلماء، وهي محط أنظار العالم كله ومهوى أفئدة المسلمين جميعا
وبذلك علت منزلتها إسلاميا وإقليميا ودوليا، وكان بذلك لها موقع متميز في نفوس المسلمين عامة، وذلك نظرا لما تقوم به من رفع راية الإسلام وإعلاء كلمته وخدمة الحرمين الشريفين ونشر العلم، والعمل على تشييد المؤسسات والمنظمات التي تخدم الإسلام وتحقق أهداف أمته في طموحاتها العلمية والسياسية والفكرية والاجتماعية، والوحدة التضامنية سبيلا للوصول إلى استعادة الحضارة الإسلامية الرائدة حتى تتبوأ هذه الأمة المكانة اللائقة بها بين الأمم في العصر الحديث
وانطلاقا من ذلك كله دأبت المملكة على العمل الحثيث المتواصل في كل ما من شأنه أن يوحد كلمة الأمة ويشد عضدها ويقوي تضامنها ويلم شملها ويرفع مكانتها، ويشير لهذا المعنى قول خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود -رحمه الله وطيب ثراه - :" إن المملكة العربية السعودية دولة عربية مسلمة يهمها ما يهم العرب والمسلمين وتحرص على تضامنهم وجمع كلمتهم وتسهم بكل طاقاتها فيما يعود علهم بالخير، وقد أثبتت الأحداث والوقائع صدق مواقفها ووفاءها بالتزاماتها تجاه أمتها العربية والإسلامية والتزاماتها الدولية الأخرى"
ولقد دأبت المملكة حرسها الله على دعم الهيئات والمنظمات الإسلامية ورعايتها ومناصرة القضايا الإسلامية الكبرى وخدمة الإسلام والمسلمين وامتازت بعلاقات ثابتة وراسخة مع العالم الإسلامي تقوم على أساس تضامن الأمة ووحدة كلمتها ودعم الهيئات والمنظمات الإسلامية وفق سياسة رشيدة تقوم على مبادئ التضامن والدعوة للوحدة الإسلامية وما يرتبط من هذه المبادئ من تطبيقات تظهر في عقد المؤتمرات وتشكيل المنظمات والهيئات الإسلامية وزيادة التنسيق والتعاون بين الدول والمؤسسات الإسلامية في مختلف المجالات ، لما يؤدي الى وحدة الأمة وجمع شملها ، وانطلاقا من اهتمامها بحمل رسالة الإسلام وتأكيدا لجهدها القيادي الإسلامي فقد دعمت العديد من المؤسسات الإسلامية لتبليغ دعوة الإسلام والدفاع عن المسلمين ومؤازرتهم ودعمهم ماديا ومعنويا ومن هذه المؤسسات رابطة العالم الإسلامي التي تعتبر إحدى قنوات الخير السعودي وهي بمثابة جسر يربط بين الشعوب الإسلامية في اصقاع العالم ، وهي مؤسسة اسلامية تعمل على نصرة القضايا الإسلامية وتبليغ دعوة الإسلام وشرح مبادئه وتعاليمه كما تعمل على دفع الشبهات عن الإسلام وتتصدى للتيارات والأفكار الهدامة التي يروج لها أعداء الأمة وتدافع عن الإسلام وتعمل على تصحيح صورته المغلوطة بين بعض الشعوب ، كما تعمل جاهدة على إرشاد الشباب المسلم وصونه عن الجنوح إلى الانحرافات الفكرية والغلو والتطرف الى وسطية الإسلام وسماحته وتصحيح المفاهيم وترسيخ القيم والمثل العليا الرفيعة في ضوء الكتاب والسنة ، ولقد تناولت ذلك بالتفصيل في كتابي :
(المملكة العربية السعودية ودورها في التضامن الإسلامي رابطة العالم الإسلامي نموذجا ) ولا أريد هنا عرض نتائج بحثي ولكن الواقع الذي يفرض نفسه هو اضطلاع المملكة العربية السعودية بالمسؤولية تجاه المنظمات العربية والإسلامية كجامعة الدول العربية ورابطة العالم الإسلامي ومنظمة التعاون الإسلامي وغير ذلك .
وانطلاقا مما سبق يمكن أن نستخلص النقاط التالية :
1 – أن نظام الحكم في المملكة العربية السعودية يقوم على ركائز قوية وثابة مستمدة من ينابيع الإسلام الصافية الأولى ومن تعاليمه السمحة وقيمه ومثله العليا الرفيعة
2 – ان القادة في المملكة العربية السعودية أصحاب قيم ، ومبادئ ، وشهامة ، وحكمة ، ونخوة ، وأصالة عربية عريقة ، وعلو همة ، وعزيمة راسخة ، ورسالة مقدسة نبيلة
3 – ان المملكة العربية السعودية رائدة في التضامن الإسلامي ولها سجل حافل بالجهود الحضارية في تكريس الإسلام وقيمه وتعاليمه ودعم الهيئات والمنظمات الإسلامية والرعاية الخاصة لرابطة العالم الإسلامي .
4 – ان رابطة العالم الإسلامي لها سجل حافل في خدمة الإسلام وشرح مبادئه ونصرة قضاياه والدفاع عنه .
5 – ان رابطة العالم الإسلامي تضطلع بمسؤوليات حضاري جسيمة وقد حققت انجازات عظيمة في العطاء الإسلامي والتواصل الحضاري .
مدير مكتب رابطة العالم الإسلامي في موريتانيا
د/ الطيب بن عمر