في سنة 1833 وفي بلاط الامير محمد لحبيب العامر , زف إلي سمع النبيل المختار ولد عبد الوهاب السباعي خبر يبشره بابن جميل تبدو عليه مخايل النجابة والذكاء, من زوجه اخناثه بنت أنيوال, وتوسم النبيل المختار الذي خبر بلاطات أمراء اترارة كما خبرها آباءه من قبله أن لهذا المولود مستقبلا في بلاط أبناء محمد لحبيب مستشارا ووزيرا وأنه سيكون خير بنيه فسماه تيمنا "اخيارهم".
مرت أيام ولياليها طاوية صخب مواسم العلك والمفاوضات الشرسة مع تجار اندر وبدا للمختار أن نفوذ الفرنسيين لن يبقي مقتصرا علي الضفة الجنوبية لنهر السينغال وأن المنطقة مقبلة علي تحول كبير سيكون للفرنسيين دور كبير في صناعته.
علي العدوة الاخري كان الفرنسيون يسابقون الزمن لإطلاق مدارس ابناء الشيوخ "Ecole des fils de chefs " التي ستزدهر لاحقا في عهد فيدرب (Faidherbes) . وفي غمرة تردد الفرنسيين علي الامير محمد لحبيب مبرمين لمعاهدات جديدة طورا ومؤكدين لاخري قائمة ومحذرين من شر الانكليز والتعامل معهم أحايين أخري, قدم أحد الضباط الاربيين عرضا للمختار طالبا منه أن يعطيه ابنه اخيارهم ليدخله مدرسة ابناء الشيوخ ليوافق في الحال.
في مدرسة الشيوخ أبرز اخيارهم ذكاء خارقا مكنه من إتقان اللغة الفرنسية ليمنحه والي اندر منحة إلي فرنسا. واصل اخيارهم دراسته هناك ودخل الخدمة العسكرية وشارك في حرب القرم التي دارت بين الدولة العثمانية مدعومة من طرف فرنسا وابريطانيا من جهة وامبراطورية روسيا من جهة أخري.
رجع اخيارهم مع القوات الفرنسية المنتصرة علي الروس و وشارك في استعراض عسكري أمام نابليون. لم يقتصر تطواف اخيارهم علي فرنسا وإنما امتد إلي ابريطانيا حيث أمضي شهورا في ليفربول مكنته من تعلم اللغة الانكليزية.
بعد سنوات من التطواف, رجع اخيارهم إلي مراتع صباه رفقة مجموعة من الاربيين وقد تغيرت سحنة البدوي وجفا شمس إكيدي الحارقة. أراد الوالي أن يمتحن حاسة الاب المشتاق لابنه فأوقف اخيارهم مع مجموعة من رفاقه الاربيين وهم حليقي الرؤوس وفي نفس البدلات العسكرية ليتعرف الاب علي ابنه بشامة لم تنسه إياها سنوات الغياب الطويل.
عاد اخيارهم في أواخر أيام محمد لحبيب ليعايش أحداثا كبيرة من قبيل مؤتمر تندوجه 1856 الذي أراد الشيخ سيدي فيه توحيد الامارات الثلاث اترارزه و لبراكنه وآدرار علي جهاد النصاري, ولاحقا مجيئ كابولاني ومفاوضاته مع ممثلي القبائل ليعمل أخيرا تحت إمرة الرائد افرير جاه الذي أطلق عليه صاحب اللحية الزرقاء .
أدرك اخيارهم اربع سنوات من عهد محمد لحبيب ورافقه مفاوضا ومستشارا كما رافق ابناؤه من بعده. كما لعب دورا بارزا أيضا في إمارة لبراكنه وكان الامراء يعهدون إليه بالمهمات الصعبة التي تتطلب مراسا في التفاوض ودهاء.
رسالة تحوي تفويضا مطلقا من أمير اترارزة لاخيارهم موجهة إلي الفرنسيين
توفي اخيارهم 1907 بعد أن تجاوز السبعين وعاصر تسع أمراء وضرب في مناكب الارض متعرفا علي لغات وثقافات لم يعهد ها معاصروه. رحل وهو يحمل الكثير من الاسرار الخطيرة ضاعت كما ضاع غيرها في هذا المنكب المبتلي في ذاكرته.
رحمة الله علي اخيارهم