لا يختلف اثنان على أن الشعب الموريتاني عارض التعديلات وبقوة ، رغم تزوير عزيز وأزلامه زورا لفوز مزور بطعم هزيمة نكراء مختلقين نصر وهميا بنسبة 53% ، رغم الحملة الواسعة والحشد الوهمي.
لكن ليس الوقت الآن وقتا للشماتة من معسكر سياسي على حساب على آخر بل القوى السياسية مطالبة اليوم باستجلاب مصلحة موريتانيا ،
والوعي الآن أكثر مما مضى أن الهزيمة في نهاية المطاف هزيمة الوطن والانتصار انتصار الوطن ، وإن هزمت موريتانيا فنحن كلنا مهزومين وأن انتصرت انتصرنا جميعا ، ومن المهم أن نغلب الآن مصلحة الوطن على خلافاتنا واختلافاتنا ، ولنعي أننا في مفترق طرق مضر وضار بالبلد يقضي منا الاحتكام للعقل والمنطق وإدارة الأزمة بطريقة تضمن إخراج موريتانيا من النفق المظلم حتى لا نعض جميعا أصابعنا ونندم ولات مندم .
فلا طعم لانتصار يحمل في دوالفه خطرا يتهدد البلد ، ولا معنى لهزيمة تزيد طين التأزم بلا ، ولا نصر لأي طرف سياسي على آخر ما دام البلد مهدد فيما بعد استفتاء 5 أغسطس بمخاطر هدامة تزيد الأوضاع ترديا وسوء ، ليتملك النظام شجاعة إدارة البلد وليدعو الطيف السياسي بأجمعه للجلوس والتحاور من أجل موريتانيا ، غير ذلك نحن نجر البلاد والعباد لنفق مظلم لا ضوء في نهايته ، فلا يمكن لأي رئيس بل لا يجب ، أن يقود البلد لوحده وبمعزل عن القوى السياسية ، لذا يتطلب من عزيز ـ انطلاقا من منطق سياسي بحت ــ في ظل الفترة الحرجة الراهنة الانفتاح على الجميع وليستفد من تجربة السنين الماضية ، فلا يمكن لأي نظام سياسي النجاح بدون ائتلاف سياسي حقيقي يتقاسم فيه كل الأطراف المسؤولية السياسية ، فالدروس المستفادة من تجارب الانتقالات الديمقراطية الناجحة في العالم تجمع أن التمكُّن من إدارة البلدان في المراحل الحرجة مرتهن بثلاثة متغيرات من أهمها خلق تحالف عريض بين كل مكونات المجتمع السياسي حول تدبير الحكم .
لقد تم الاحتكام للشعب من خلال دعوته للاستفتاء وقال كلمته قطعا لدابر التشرذم باعتباره مصدر كل السلطات ، وقال كلمة الفصل التي نعيها جميعا حكاما ومحكومين ، ومن الواجب احترام إرادة الناخب لا تزويرها ، وانطلاقا مما سبق ثمة جملة من التداعيات المحتملة ما بعد استفتاء 5 أغسطس ستلقي بظلالها على المشهد السياسي الموريتاني المرتبك
ــ في مقدمة تلك التداعيات : الانقسام الداخلي ، إذ ينذر الاستفتاء بتفاقم حالة الغليان الداخلي وتعميق شرخ الانقسام أكثر فأكثر إذ سنكون أمام علمين ونشيدين ودستورين وشعبين وأمتين ، أمام رئيس وحكومته ضد شعبهم . .
ــ التداعي الثاني : الصدام مع الجيش ، ولعل ذلك ما يجري اليوم بصمت كبير ، فإلى الآن هنالك صدام صامت بين عزيز والجيش إذ يخشى الكثير من الجنرالات بطش بازب التي تدين لعزيز أكثر من إدانتها للوطن ، ومنه فإن حالة الصدام السياسي ترافقها حالة صدام وتصدع داخل فريق الجنرالات بين رافض لتجاوز إرادة الشعب وبين مساير لعزيز بدون أن يبدي أي رفض علني حفاظا على امتيازاته ويترك الرجل حتى ينهي حكمه بممارساته الطائشة ، ولعل القادة العسكريين توصلوا لترك الرجل يسير نحو حتفه بدون إبداء أي وجه معارضة ، خصوصا أن المؤسسة الوحيدة القادرة على القيام بانقلاب هي الجيش ، وبذلك طهر عزيز الجيش من كل من يمثل له تهديدا ، وقوى كتيبة بازب على حساب كل قيادات الأركان ، فضمن بذلك الأمن والأمان لنفسه في قصره الرمادي .
التداعي الثالث : تشكيل حكومة انتقالية واسعة تضم كل الطيف السياسي مجموعة الثمانية والأغلبية الرئاسية تخرج البلاد من حالة الانقسام التي تلوح في الأفق وتعبر بنا إلى بر الاستقرار والوحدة .