إذا كانت الموسيقي ملهمة حواء موريتانيا على الأفراح والرقص في الإحتفالات والمناسبات الإجتماعية فإن بنجه كفلكلوري شعبي باتت هي الأخرى تأخذ مكانتها في ليالي ومساءات النساء الموريتانيات خصوصا حين تحضر المسرات وتشدو إحداهن مغنية " بنجه ماتكتل واليكتل مولان "
حينها يتحول المكان إلى ملحمة ملامحها الرقص على ايقاعات موسيقى غير مصنفة وكلمات لاهي موزونة وفي الغالب يغيب فيها المعنى ويضمحل المضمون وينعدم جمال الكلمة كأن تشدو إحداهن بصوت رخم وعلى إقاع آسر " حس أغزال اتصيح لولاده جاي " .. كلمات تبعث الأمل وعليها تتمايل أجساد وتسعد نفوس. هكذا هي بنجه المجهولة التاريخ والسياق الزمكاني اللذين نشأت فيهما وإن كانت تعتبر فلكلورا شعبيا يحكي بلون موسيقي نادر على وجه المعمورة ارتباطا وثيقا مابين الإنسان والتراث وهي الثنائية التي تجد فيها بنجه ذاتها دون أن تصنف كموسيقى عالمة تاريخيا وفنيا وفق المعطيات. ورغم غياب مرحلة التصنيف والتأريخ فإن بنجه ماتزال آسرة للنساء الموريتانيات كلما حانت مواسم الفرح والسعادة فلاتكاد تخلو مناسبة اجتماعية إلا وكانت لبنجه مكانتها وحظها الوافر من يوميات الفرح خصوصا من طرف النساء اللائي يعبرن من خلالها عن أفراحهن واتراحهن وبالرقص والغناء على بنجه تتحول ليالي العاصمة انواكشوط الى سهرات يتفرج عليها الكثير من سكان المدينة وبكلمات بسيطة يغني الجميع ويتمايل كل الحضور وهي اللحظات النادرة التي تتوقف معها انواكشوط مع فرح غير مصنف وفن بديع منحه جمهوره مكانة كبيرة رغم غياب التأطير والإنسجام مع قواعد الموسيقى وأزوان وإن كانت كلماته المبعثرة على ايقاعاتها ترسم البسمة على جمهور عريض في أماكن واسعة من الوطن. ومن مميزات هذ الصنف الفلكلوري أنه غالبا ما يمارس كهواية من طرف أشخاص خارج الوسط الفني على شكل فرق لكل فرد فيها دوره ولكل شدو أو أغنية قصة تحكي تفاصيلها صاحب الطرب غير المصنف وسط جمهورها الساكر ليلا على أحد أبرز كنوز الموروث الشعبي المعروف اختصارا ببنجه فهل باتت ظاهرة فنية تستحق التأصيل أم فننا ظلمه التاريخ وغيبه المجتمع ؟
حنان محمد سيدي