ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﻧﺪﺭﻙ ﺃﻥ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭل ﻳﺤﻜﻤﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻳﻤﻴﻞ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺇﻟﻰ ﺇﻳﺜﺎﺭ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﺗﺘﺼﺪﺭ ﻛﻞ ﺍلاﻋﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ. ﺃﻣﺎ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺑﺒﻌﻀﻬﺎ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻓﻰ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﺍﻷﻋﻢ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻃﻔﺔ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﺤﺪﺙ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ. ﻟﻌﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻟﻬﺎ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻓﻰ ﻓﻬﻢ ﺑﻌﺾﻣﺠﺮﻳﺎﺕ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﺘﻰ تجمع شعوب البلدين أزواد وموريتانيا ﻗﺒﻞ ﻭﻋﻘﺐ زيارة الرئيس محمد ولد عبدالعزير لكيدال في أيام حساسة للغاية. ليتوسط في وقف إطلاق النار ﺑﻴﻦ الحكومة المالية وقوات الحركات الأزوادية في مايو 2014م
وقد ﺃﺳﻔﺮﺕ تلك الزيارة ﻋﻦﻋﺪﺓ ﺗﺴﺎﺅﻻﺕ، ﺃﻫﻤﻬﺎ: ﻟﻤﺎﺫﺍ ليس موريتانيا من يتواصل في الوساطة؟ ﻭﻟﻤﺎﺫﺍ ﺟﺎﺀ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍلأزوادية ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺸﻨﺞ ﻭﺍلاﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ؟.
ﺩﻋﻨﺎ ﻧﺘﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻝ ﺍﻟﺜﺎﻧﻰ ﺃﻭﻻ: ﻟﻘﺪ ﺍﻋﺘﻘﺪ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺃﻥ ﻓﺤﻮﻯ ﺍلكلمة ﺍلتي ﺃﻟﻘﺎها ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ محمد ولد عبد العزيز في كيدال أثناء وساطته ﺳﻮﻑ ﻳﺄتي ﻣﺘﺴﻘﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻌﺎﻃﻔﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﻋﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻌﺾ ﺍلشعب المالي بعد غياب ولد عبدالعزيز عن حفلة تنصيب الرئيس المالي إبراهيم بوبكر كيتا ﻭﺍلتي ﻃﺎﻟﺒﺖ ﺑﻘﻄﻊ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ﻣﻊ موريتانيا كدولة تسعى لتقسيم الدولة المالية. ﻣﻦ ﺍلملاحظ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﺟﺎﺀ ﺧﺎﻟﻴﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ ﺍلاﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ. ﻓﺒﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻋﺒﺮ ﺑﻮﺿﻮﺡ ﻋﻦ ﺭﻓﺾ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺆﺩي ﺇﻟﻰ ﺇﻫﺎﻧﺔ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻦ ﺍلأزوادي ﻏﻴﺮ ﺃﻧﻪ ﻃﺎﻟﺐ ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﺮﻳﺚ ﻭﺿﺒﻂ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺃﻛﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻠﺒﻼﺩ تقتضي ﻋﺪﻡ ﺍﺗﺨﺎﺫ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﺍﻧﻔﻌﺎﻟﻴﺔ ﻗﺪ ﻧﻨﺪﻡ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻬﺪﺃ ﻋﺎﺻﻔﺔ ﺍﻟﻌﺎﻃﻔﺔ ﻭﻳﺴﺘﻴﻘﻆ ﻧﺴﻴﻢ ﺍﻟﻌﻘﻞ. وﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﺃﻥ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ
ﻗﺪ ﺗﺤﺪﺙ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﺣﻴﺚ ﻳﺆﺩﻯ ﺍلاﻧﻔﻼﺕ ﺍﻟﻌﺎطفي ﺇﻟﻰ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻛﺎﺭﺛﻴﺔ.
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻝ ﺍﻷﻭل ﻓﻴﺘﻌﻠﻖ ﺑﺄﺳﺒﺎﺏﻛﺮﺍﻫﻴﺔ ﺍﻟﺒﻌﺾ للأزواديين. نلاﺣﻆ ﺃﻥ ﺃﻗﻼﻣﺎ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﺗﻨﺎﻭﻟﺖ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻘﺪﻡ ﺇﺟﺎﺑﺔ ﺗﺮﻳﺢ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ. وﻣﻦﺍﻟﻤﺤﺘﻤﻞ ﺃﻻ ﻧﺘﻮﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﺇﺟﺎﺑﺔ ﺷﺎﻓﻴﺔ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺗﻌﺮﻓﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺘﻰ ﺗﺴﺎﻫﻢ ﻓﻰ ﻛﺮﺍﻫﻴﺔ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ. ﻭﻓﻰ ظني ﻓﺈﻥ ﺧﻴﺮ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺇﺟﺎﺑﺔ ﺗﻜﻤﻦ في ﺇﻣﻌﺎﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﺘﻰ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻣﺎ ﺗﺤﺪﺙ ﻓﻰ ﻣﺤﻴﻂ ﺍﻷﺳﺮﺓ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﻭﺗﺴﺎﻫﻢ ﻓﻰ ﻏﺮﺱ ﻣﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻜﺮﺍﻫﻴة ﺑﻴﻦ ﺃﻓﺮﺍﺩﻫﺎ. ﺗﺨﻴﻞ ﺃﻥ ﺭﺏ ﺃﺳﺮﺓ ﺭﺣﻞ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺗﺎﺭﻛﺎ ﻭﻟﺪﻳﻦ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﺷﺎﺏ ﻭﺍﻵﺧﺮ ﻣﺎﺯﺍﻝ ﻃﻔﻼ ﺻﻐﻴﺮﺍ. ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻳﺘﻮﻟﻰ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﻭﺗﻮﻓﻴﺮ ﺳﺒﻞ ﺍﻟﻤﻌﻴﺸﺔ ﻷﺧﻴﻪ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ ﺣﺘﻰ ﻳﺸﺘﺪ ﻋﻮﺩﻩ. ﻭﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺍﻷﺥ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ ﻗﺪ ﻻ ﻳﻨﻜﺮ ﺻﻨﻴﻌﺔ ﺃﺧﻴﻪ ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﺃي ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎﺕ ﻻ ﺗﻤﺮ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺬﻛﺮﻩ ﺃﺧﻮﻩ ﺍﻷﻛﺒﺮ ﺑﺎﻟﺪﻋﻢ ﻭﺍﻟﺘﻀﺤﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻰ ﻗﺎﻡ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻪ ﻭﻣﻊ ﺗﻜﺮﺍﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﻤﺤﺮﺟﺔ ﻓﻘﺪ ﺗﺘﺤﻮﻝ ﻣﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺤﺐ ﻭﺍﻟﻌﺮﻓﺎﻥ ﺑﺎﻟﺠﻤﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﻣﺸﺎﻋﺮ ﻏﻀﺐ ﻭﻛﺮﺍﻫﻴﺔ. ﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﻣﻮﺍﻗﻒ ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ ﻗﺪ لاتحصل بين الجارتين. ﺣﻴﺚ الشعب الأزوادي والشعب الموريتاني ﻻ ﻳﺪﺧﺮان ﺟﻬﺪﺍ ﻓﻰ ﺗﺬﻛﻴﺮﻫﻢ بعضهم ﺑﻌﻈﻤﺔ علاقاتهم ﻭﺗﺎﺭﻳخهم المشترك الممتد ﺇﻟﻰ قرون طويلة من الزمن ﻭﺑﺄﻧﻬم ﻗﻠﺐ الصحراء الكبرى ﻭهي ﺍﻟﺘﻰ تشاركوا فيها كل المحن بما في ذلك ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﻭﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ وهذا مايراه الشعب الشقيق ولايزال وسيزال يساهم ﻓﻰ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﺑﻼﺩ الأزواد ﻣﻦ ﺍلاﺳﺘﻌﻤﺎﺭ.
ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺑﻪﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻻ ﻳﻨﻜﺮﻫﺎ ﺻﻐﻴﺮ ﺃﻭ ﻛﺒﻴﺮ من سكان البلدين. ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﻼ ﺩﺍعي ﻟﺘﻜﺮﺍﺭﻫﺎ ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺃﻭ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ. وﻣﻦ ﺍﻟﻼﺋﻖ ﺃﻥ ﻧﺘﺮﻙ الآﺧﺮﻳﻴﻦ ﻳﺘﺤﺪﺛﻮﻥ ﻋﻦ ﺧﺼﺎﻟﻨﺎ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ ﺃﻭ ﻋﻦ إﻧﺠﺎﺯﺍﺗﻨﺎ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ. ﺃﺗﺬﻛﺮ ﺣﻴﻦ ﻛﻨﺖ ﻓﻰ موريتانيا ﻋﺎﻡ 2013 ﻡ ﻓﻘﺪ ﺣﺪﺙ ﺃﻥاستقليت ﺳﻴﺎﺭﺓ ﺃﺟﺮﺓ ﻣﻦ سوق مدينة نواكشوط ﺇﻟﻰ حيث أسكن وﻭﺟﺪﺗﻨﻰ ﺃﺗﺠﺎﺫﺏ ﺃﻃﺮﺍﻑ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻊ ﺍﻟﺴﺎﺋﻖﺍلموريتاني المنحدر من منطقة الحوض الشرقي وحين ﻋﺮﻑ ﺃني ﻣﻦ أزواد فوﺟﺌﺖ ﺑﺎﻟﺮﺟﻞ به ﻳﻌﺒﺮ ﺑﻌﻔﻮﻳﺔ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﻋﻦ ﺳﻌﺎﺩﺗﻪ ﺍﻟﺒﺎﻟﻐﺔ ﻣﺘﺬﻛﺮﺍ مواقف الحركات الأزوادية التي يصفها باﻟﻨﺒﻴﻠﺔ ﻓﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ الشعب الأزوادي وعن الشعب الموريتاني ويؤكد على أن الشعب الموريتاني منخرط مع شقيقه الأزوادي.
ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ﺃﻧﻪ ﻇﻞ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺃﻫﻤﻴﺔ أزواد ﻭﻟﻢ ﻳﺘﺢ ﻟﻰ ﻓﺮﺻﺔ ﺍﻟﻤﺴﺎﻫﻤﺔ ﺑﺄﻳ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ ﺇﺿﺎﻓﻴﺔ. وﻣﻦ ﺍﻟﻤﺆﻛﺪ ﺃﻥ ﺗﻌﻈﻴﻢ هذه العلاقة شبه واجب. ولاشك أن ثقافة وتقاليد هذه الشعوب ذات قواسم مشتركة. ﻟﻘﺪ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ الرئيس ولد عبد العزيز إقناع ﺍلأزواديين ﺧﻼﻝ ﺑﻀﻊ ﺩﻗﺎﺋﻖ بأﻥ يوقفوا إطلاق النار ويحترموا الاتفاقية الموقع عليها.
حسين أغ عيسى