وإذ يرخي الليل سدوله على دور داكار العتيقية يبقى ذلك البحر بموجه المتكسر على الصخور الحالكة، ولججه الحابسة للبصر الشارد في ملكوت الله وعلى طريق سفن العبيد المقيدة بالسلاسل من جزيرة "غوري" السنغالية .. يبقى بحر الظلمات شاهدا على عصور خالية وحضارات افريقية غابرة ، بل ضحايا افريقية سوقوا من هنا إلى المجهول سوقا في أغلالهم إلى هنالك حيث الظلمات وحيث يصارعون الموج المتلاطم إلى المجهول .
وفي معركة البقاء لا يدري عبيد الجزيرة أيهما أدهى وأمر : الموت في ثبج البحر ام الوصول إلى أسيادهم في أوربا وأمريكا....
ولست أدري كيف بدت لي في هذا البحر ونسائمه وعبقه علاقة غامضة بالحرية والتحرر.. ليت شعري .. كيف شممت تلك الرائحة وكيف رايت في الأفق المظلم أمة تثور بعد عقود من الظلم والتخلف تحت الدكتاتورية كيف حصل ذلك ؟ أجبني أيها البحر..!
حدثيني أيتها الجزيرة الوادعة كم من طفل رضيع مات هنا مرضا وجوعا.. حدثيني كم سيدة حُبلى قضت في عرض البحر ... بل حدثيني كيف كانت السفنن تفرغ من حمولة البشر الزائدة وكأنهم بضاعة كاسدة ...
وداعا أيتها الجزيرة... ووداعا أيها البحر الهادر وأحمل منك رسالة إلى قومي مفادها : أن للظلام متعة لا يدركها إلا المتأملون وليس كل ظلامي إرهابيا بالضرورة.....
مختار بابتاح ـ شواطئ السنغال قرب جزيرة غوري