خوفاً على أولادهم، وحتّى لا يُلاحقهم الحظّ السيّئ، يلجأ بعض الأهل في السنغال إلى إطلاق أسماء غريبة على الأطفال، إذ يعتقدون أنّها تحميهم من العين الشريرة. إلا أن هذه الأسماء غالباً ما تتسبّب في إحراج الأبناء.
في السنغال، لا يتردّد آباء في إطلاق أسماء غريبة وغير مرغوبة على أبنائهم، بهدف حمايتهم من سوء الحظّ. هؤلاء يتمسّكون بتقاليد البلاد التي تفرض عليهم إطلاق أسماء غريبة يصعب نطقها أحياناً. أكثر المتمسّكين بالتقاليد هم أولئك الذين فقدوا أطفالهم، أو لازمهم سوء الحظ خلال تنشئتهم.
من بين هذه الأسماء "بوغوما"، الذي يعني لا أريده، و"ياديكون" الذي يعني لن يأتي، و"كنبوغول" (لا أحد يريده). وهناك أسماء أخرى أكثر غرابة، مثل "ياكها مبوتو" (ويعني المشاغب)، و"دوفي ياندو" (لن ينهي اليوم). ويرى السنغاليون أن هذه الأسماء تحمي أبناءهم من الأقدار السيئة والنزوات، لأنها تبعدهم عن أقرانهم المجرمين. ووفقاً للتقاليد الشعبية المتوارثة منذ زمن طويل، فإن الأسماء تختار بلغة "الولوف"، وهي اللغة المحلية الأشهر في البلاد. في بعض الأحيان، يكون الاسم مركّباً، ما يؤدي إلى فوضى كبيرة ومشاكل تحد من تطور وتنظيم سجلات الأحوال المدنية
نكتة
لكنّ الأسماء الغريبة والمركّبة قد تتسبب بالإحراج لأصحابها في مناسبات عدة، خصوصاً الذين يسافرون للدراسة أو العمل في دول غرب أفريقيا، والتي يتحدث سكانها لهجة "الولوف"، وبالتالي يعرفون معنى هذه الأسماء. ورغم المبررات التي يقدمها أصحاب هذه الأسماء لتبرير اختيار آبائهم لها، إلا أنها تثير سخرية الآخرين بكل الأحوال، ويتحول أصحابها إلى نكتة كلّما عرّفوا عن أنفسهم، كحال ياديكون (26 عاماً)، وهو عامل. يُزعج الشاب أنّ والديه أطلقا عليه هذا الاسم ويعني "لن يأتي". يقول: "يصر بعض الأهالي على إحياء أسماء قديمة مركّبة، بعضها يثير السخرية بسبب غرابتها ومعناها غير المألوف، وهم يظنون أنها تحمي من العين والحسد وسوء الحظ. لكن ما يغيب عن بال عدد كبير من الآباء أن اختيار أسماء سيّئة لأبنائهم يتسبب لهم في مشاكل كثيرة خلال يومياتهم". يضيف: "حين أُعرّف عن نفسي، غالباً ما يضحك الناس، ويُطلقون تعليقات ساخرة، رغم أن السنغاليّين يدركون أهميّة التقاليد ومدى تمسّك الناس بها". ويشير ياديكون إلى أنه بات يتعايش مع هذا الاسم رغم ما تعرّض له في مرحلة الطفولة والمراهقة.
ويعمد بعض أصحاب الأسماء السيّئة إلى تغيير أسمائهم، في محاولة منهم للحد من السخرية التي يتعرضون لها بسبب أسمائهم الحقيقية، على غرار "كابوغول"، ويعني اسمه "لا أحد يرغب فيه". كابوغول، وهو سائق يبلغ من العمر 21 عاماً، يقول: "أجهضت أمي أكثر من مرة، كما توفي اثنان من إخوتي بعد أيام على ولادتهما، ما دفعها إلى اختيار إسم غريب لإبعاد العين الشريرة عني. تقول العائلات إنّ الأطفال حديثي الولادة صيد سهل للعين الشريرة، وبالتالي تحميهم هذه الأسماء الغريبة. وغالباً ما لا يفكّر الأهل بتأثير هذه الأسماء على أطفالهم، ويكون همّهم الوحيد حمايتهم، أقلّه كما يعتقدون.
سوء الحظ
ورغم الخطط الكثيرة التي وضعتها الحكومة لتنظيم تسجيل الأسماء، وتحديث معايير اختيار الأسماء الشخصية، ومنع أي تجاوز للنص القانوني، إلّا أن ضعف الإدارة لم يساعدها على فرض هذه القوانين وضبط ﺍﻷﺣﻮﺍل المدنية في البلاد. ويسعى مثقفون ورجال دين إلى التنبيه من خطورة الاعتقاد بأهمية الأسماء ودورها في تحديد مصير الناس، والتحكم في تقلّبات القدر وسوء الحظ والحسد. إلا أنّ التقاليد ما زالت تدفع عائلات إلى إطلاق أسماء غريبة على أبنائها لحمايتهم من العين والحسد.
ويتجلّى مدى خوف العائلات على المولود الجديد من خلال الطقوس التي يحرصون عليها منذ ولادته، ويستخدمون وصفات عدة، ويحرصون على الالتزام بتقاليد يعتقدون أنها تطرد الأرواح الشريرة وتتغلب على العين الحاسدة ولعنة سوء الحظ.
وعادة ما يكون الاسم الغريب من نصيب الطفل الأكبر أو الوحيد ذي الجنس المختلف بين أشقائه، خصوصاً الذكر. وتسعى العائلة إلى حمايته من الأرواح الشريرة من خلال اختيار هذا الاسم، بحسب معتقدات المجتمعات التقليدية في أفريقيا، والتي ما زالت راسخة في المجتمع السنغالي.
وبسبب وجود الدين الإسلامي، إضافة إلى جالية عربية كبيرة في السنغال، فإنّ الأسماء العربية تعد رائجة في البلاد، على غرار مصطفى وعائشة ورقية وياسين والشيخ، إضافة إلى اسمين مستمدين من العربية، وهما ممادو ويعني محمد، وأمادو ويعني أحمد.
(افرانس برس+ العربي)