يعاني الفقراء والمساكين في هذا البلد من المشاكل المعروفة سلفا كمشكل العيش والتأمين الصحي والمعرفي , إلا أن الإعاقة بأنواعها وأشكالها تزيد الفقير عجزا وحاجة خاصة إذا لم يؤهل ويدمج في الحياة النشطة .
في الذكرى السنوية لذوي الإعاقة والتي تصادف اليوم الثالث من دجمبر كل سنة , وهذا اليوم يجب ألا يكون كالأيام بالنسبة للفئة المعنية التي تنتمي إلى خارطة الإنسان وتحتاج إلى الإنسان بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ليقف معها إنصافا وعدلا وعطفا إن احتيج إلى ذلك سبيلا , لا أن يتخذ ظهورها مطية لجمع المال بأسلوب تأباه النفس الكريمة المؤمنة على حساب فئة ينظر إليها البعض ويصفها بالضعف , لكن عين الضعف أن تتغذى على حساب من هو أضعف منك ودون طيب نفسه ..!
العيب كل العيب أن تحصر الخدمات والمزايا والحقوق في يوم فلكلوري رمزي يحصر المعنيين تحت اشعة الشمس الحارقة ليحرر خبر وتناوله وسائل الاعلام وهو لا يحمل من الصدق إلا ما يعيشه هؤلاء من رفاه مادي وولوجهم إلى أبسط الخدمات .
من المؤسف أن يضرب ذوي الإعاقة من مكان أمنهم ومحل ثقتهم المفترضين, وهي الوزارة المعنية بشكل كبير والقائمين على الجمعيات الأهلية وهذين العنصرين هما المسؤولين عن قصد او غير قصد عن معاناة الفئة .
فالمجتمع المدني من وجهة نظري متآمر مع الوزارة الوصية والوزارة الوصية عبر تاريخها متآمرة مع المجتمع المدني أو ما يطلق عليه المجتمع المدني وهو في الحقيقة الأفراد المدنيون إن وجدت تلك الصفة مكانا يليق بها مع تصرفات لا تمت للمدنية بصلة .
فهذه الأنظمة المتتالية التي تتعامل مع أناس من داخلها والجمعيات العاملة في المجال والجميع قل عطاءه وكثر أخذه, لا تريد إصلاحا حقيقيا ولا تحمل إرادة جادة في اصلاح المجتمع المدني وتفضل ابقاء الوضع على ماهو عليه وهذا امر يستغربه كل المتابعين .
ومن زاوية عملي الصحفي يؤنبني ضميري , ويأبى قلمي أن يكون شيطانا أخرص لكتمه للحق وبذلك يكون جزء من أقلام الباطل التي ملأت الدنيا وشغلت الناس .
ومن خلال عملي ضمن هذا اليوم لا حظت شكلية الحدث وحجم المعاناة النفسية التي يتركها في الأفراد المستهدفين واختصاره في خطاب رسمي لا يزيد على نصف ساعة وينتهي اليوم المشهود ....!
وجوه الحاضرين من ذوي الإعاقة تعبر بصدق عن مايعانون منه من قسوة الواقع ببعديه الزماني والمكاني وازدحام الوعود الكاذبه والاحتفالات الآثمة خلال السنين الخوالي خرجت ببعضهم عن صمته لكن لا أحد يستمع لأناتهم وأوجاعهم الكل يستمع لخطاب سمو الأميرة .
لكن ذاكرة فقير عاجز يرى أصحاء يتمتعون بكثير من النعم لا يقاسموه حتى الإبتسامة في وجوههم وهذا أمر لا يسر مؤمنا خاصة إذا كان المعاني أخا في الإيمان والوطن .
ينظن البعض أن ذوي الإعاقة لا يحسون بما يجري حولهم لكن مخطء من يظن ذلك فهم يرون بعيون مجردة أو بصائر ثاقبة للواقع لكن ما ذا بيدهم؟ مع ذلك لو شكوا حالهم لرب العالمين يوما واحدا لكانت دعوتهم دعوة مظلوم ليس بينها وبين الله حجاب فهل من متعظ ؟
وخلال هذا اليوم وجدت حالات منها كفيف لا يريد سوى عصا تساعده على التحرك وآخر لا يريد سوى كرسي لبنته التي يحملها على عنقه بعناء لكن عميت الأبصار وحرمت من تحقيق أبسط الخدمات رغم الدعم الوطني والدولي للوزارة الوصية ...!
من الحاضرين من ناداني شخصيا لماذا لا تعطوننا الأرز ظنا منه اني مسؤول عن أي حق من حقوقه لكن الأرز لم أره إلا كما رآه المسكين سيارة ممتلأة من خنشات الأرز قسمت التقسيم الرمزي وغادرت المكان الى مكان الله أعلم به الأهم أنها لم تغادر خاوية ...!
وهذه التصرفات هي التي ساهمت بشكل كبير في تعكير جو ذوى الاعاقة في يومهم اليتيم .
فمتى ستحترم الدولة الموريتانية ذاتها وأبناءها عموما وذوي الإعاقة بشكل خاصة .؟
أين التفتيش والمتابعة ؟ وإذا سلمنا جدلا أن الوزارة حفيظة أمينة فلماذا التعامل مع أناس عملوا عشرات السنين ولم يقدموا ما يستحق الذكر أم أنه حقا ؟
لا تسأل عن المرء وأسأل عن قرينه ** إن القرين بالمقارن يقتـــــــــدي
السؤال الذي يطرح نفسه من سيحمي ضعيفا معاقا من لوبيات الوزارة والمتاجرين من الجتمع المدني ؟
قسيت ولم تكن من عادتي لكن بلغ السيل الزبى و وجوه ذوي الإعاقة خلال اليوم الفلكلوري ذكرتني بميثاق غليظ اتخذته على نفسي أمام الله عند ما قررت ولوج العمل الصحفي , وهو ان أكشف ما يتعلق بحقوق ذوي الأعاقة والضعفاء والمحرومين من أبناء هذا الوطن الغالي .
وسأختم هذا المقال بتساؤلات لمعالي الوزيزة المحترمة :
لماذا لا تكن استفادة ذوي الاعاقة بطريقة أكثر إحتراما وملائمة لحالهم ؟
وزيرتنا المحترمة هل أرسلت لجان تفتيش يوما واحدا لتميزي الخبيث من لطيب من شركاءك ؟
ألا تستحق هذه الفئة المسؤولة عنها غدا بين يدي الله التواصل معها ومعرفة احتياجاتها وتقديم الخدمات الصحية والتعليمية والعينية لها بدل يوم سنوي شكلي يسيئ إليها أكثر مما يخدمها ؟
هل تعلمين معالي الوزيرة المحترمة أن ذوي الإعاقة في الكنكو ابرازفيل خدمتهم المنظومة القانونية وتفعيلها حتى حمتهم من هلع الانسان وهوسه, حيث يستوردون البضائع بدون جمركة وهذا ما دمجهم في الحياة النشطة بشكل مباشر بل الأصحاء هم من يتوسلون لهم خوفا وطمعا ؟
حقا آن الأوان أن تفهم الحكومة الموريتانية أن العمل هو الحل وان التعامل مع لوبيات في جميع وزارات الدولة لا يزيد الوضع الا تعقيدا كما أنه يجب على الضمير الجمعوي أن يستيقظ من سبات الفردية بصرخة خاشعة لله حتى يصل بالإمانة الى مستحقيقها بعيدا عن الظلم والغبن .
واليتذكر الجميع أن الرقابة الإلهية تحصي وتعد ومن يغلل يأتي بما غل يوم القيامة .
الحامد أحمد جباب