انتهت اللعبة، كما قال محمد الدّوري. وابتداءً من الآن يجب أن يبحثَ الجميع عن طُرق جديدة لتجديد ذواتِهم. لقد كانت حركة "النُّصرة" في كثيرٍ من جوانِبها حركةً عنيفة قروسطية، معادية للإجراءات القانونيّة الحديثة (فتح المحاكم أمام الجميع؛ الحقّ في المحاماة؛ أمن المحاكم؛ استقلال القضاء) بل وحتّى للإجراءات القانونيّة القديمة (التوبة والاستتابة والتعدّد الإفتائي والتخصّص). وكانت هذه الحركة، كثيراً ما، حركة سبّابة وكفّارة وجاهِلة بالتاريخ الإسلامي: فالإسلام لم يكن يوماً مجرّد نظام قانوني، وإنّما كان فضاءً للمحاورة، وللتنافر. وكان "الزنادِقة" و"المستهزِءون" ينجون دوماً برِقابِهم في تاريخ الإسلام، بل ويُساهِمون في جوانب أخرى من تلك الحضارة الشامِخة.
كان اقتراح الدعشنة هو اختزال لتاريخ التعايش الإسلامي. وما هو أسوأ أنّ هذه الحركة قد انتقلت بحبّ المصطفى عليه السلام إلى حبٍّ إعدامي استئصالي. لقد عارضتُ في هذه القضيّة مذهب من يليني من المتصوِّفة لأنّني رأيتُ أن الحُبّ الإعدامي الذي أعطوا له أنفُسَهم لم يكن هو الحبّْ والشغف، الذي علّموه لي والذي سارت فيه ركبانهم في صمت عبر القرون. لم أتعرّف عليهم هنا، بالمرّة. ولم أميِّز أكتافهم عن أكتافِ رفاق سلاحِهم الجُدد من الدواعش.
أقول: انتهت اللعبة. ويجب الآن بالنسبة للمُحبِّيبن إعادة إطلاق حُبِّهم في عالم متعدِّد ومُختلِف. عالم لا يقدِرون فيه على رِقاب من يُخالِفهم. ولكن بإمكانِنم محاورته. لن يفلح الحُبّ بالقوة؛ وإنما بالحقّْ. والحقّ ليس في الرّغاء. وإنما في التأمّل. في الصمت. وفي الأمن. وبالين.
من صفحة أبو العباس ابراهام على الفيس بوك