مسافرون هم في ذلك اليوم المُغبَر .. في ذلك المساء المشؤوم .. في تلك الرحلة الأخيرة والأخيرة من هذه الدنيا إلى هناك إلى هنالك حيث مرابع الأهل وملاعب الصبا .. مغادرون هم إلى أبد الأبدين من عاصمة أحبوها سنوات وإن ملوها أياما قليلة وسيعودون إليها كما يظنون .. ليتهم يدركون أن الموت قادم هذا المساء ليتهم نظروا والتفتوا إلى العاصمة قبل الوداع الأخير .. واللحظة الأخيرة.
استدبروا عاصمتهم نواكشوط وولوا وجوههم شطر وطن أحبوه تمتعوا برمال واد الناقة المتراقصة على وقع السيارات .. بسهوله الجرداء في لبراكنه .. بهضابه وكداه في العصابة والحوضين .. طريق وعر شاق متقعّر لكن مغامراتهم في كل مرة أكسبتهم متعة السفر.
كانت المطبات تلعب بأجسادهم تلسعهم السيارة على وقع طريق واد الناقة المغبر تختفي السيارات بين الغيوم يرونها أشباحا .. تجاوزوا تلك العقبة وصلوا مرتفعات بتلميت ضاق بهم الطريق المقعر كانت لحظة الصفر .. حفرٌ وهاوية ثم شاحنة كبيرة اختار السائق تحت الصدمة طريق الشاحنة ارتطمت بمقدمة الحافلة صدمتهم دمرت حافلتهم بالكامل انقلب مرات ومرات.. دقائق والجميع إلى جنات الخلد وفي ضيافة رب رحيم..
ما بين خمسة شهداء إلى عشرة قضوا على طريق الأمل في أسبوع واحد من يتحمل هذه المجازر ؟ من يعتذر للأهالي ؟ من ينصف مئات السيارات التي تغدو وتروح من وإلى انواكشوط .. لو أن أحد الشهداء عمّر دقيقة لكتب وصية بحروف معدودة " وداعا .. اصلحوا طريق الأمل ".
رحم الله شهداءنا على طريق الأمل وألهم ذويهم الصبر والسلوان موعدنا ورضي الله عن الفاروق عمر صاحب المقولة "لو عثرت بلغة في العراق لسالني الله عنها لم لم تصلح لها الطريق يا عمر.."