آهٍ.. يا والدة ولد صلاحي/ مختار بابتاح

جمعة, 2015-01-23 11:59

اليوم يوم الجمعة يوم لزيارة المقبرة والترحم على الأموات والدعاء لهم، اليوم ما رأيكم أن نتوجه إلى قرية "الصفا" (90 كلم شرق نواكشوط) هنالك وحيث ترقد المرحومة الأم مريم بنت الوديعة، تلكم الوالدة الراحلة التي عاشت عشريتها الأخيرة في حزن مستمر على "يوسفها" محمدو ولد صلاحي وهي تنادي "يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر.." ولكن هيهات ! عزيز مصر هذه المرة لم يكن لم يلتفت إلى مأساة "آل يعقوب" ولم يقبل "أن يأخذ أحدنا مكانه" فابيضت عيناها من الحزن فكانت أيامها الأخيرة "يا أسفي على يوسف" وفارقت الحياة أسفا على ذلك الابن الغالي..

أشد رحلي إلى هنالك حيث يرقد العشرات من الصالحين والعلماء ولكني أزور هذه المرة ضريح تلك العجوز المرحومة أبوح من هنالك كلمات قلية..

أيتها الأم الحزينة .. لا جديد بعدك في دنيانا البائسة، فالابن الغالي ما زال هنالك وعزيز مصر لم يتصدق علينا بعدك.. والحياة كما هي، بل ازدادت كآبة بعد أن كنت تملئين علينا بيتنا نورا لكنك رحلت وتركت أبناء سكبوا دموعهم من الأعين حتى جفت من الحزن.. المأساة عالقة ومحمدو بعيدا في سجن اغوانتنامو لا يستطيع زائر زيارته..

لا جديد في هذه الحياة بعدك سوى حروف متقطعة خطّها فلذة كبدك بيمينه قبل وفاتك ولكنها تخرج للنور في هده الأيام، حروف مدادها الدموع عليك وعلى فراقك يصف فيها رحلته الطويلة وكيف باعه وطنه يوم عيد الاستقلال.. وكيف غدر به وبك مدير الأمن .. نعم مدير الأمن الرجل الذي مكر بك وكان يحمل إليك وصايا كاذبة من نجلك ويوهمك بان صحته جيدة ويجدد ملابسه من عندك كل أسبوع ويحمل إليه الغداء والعشاء..

إه يا مريم .. لا جديد هنا سوى أن ما بقي من حروف ولدك يفضح أبناء عمومته ويقول لنا إن أسبوعا واحدا قضاه في الوطن بعد أخذه غصبا من بين يديك قضى سبعة أيام في مخفر الأمن وهنالك تأتي قافلة التعذيب قادمة من أرض الشام البعيدة ويا لها من دنيا تتغير وتسودّ !

الشام ارض الكرم ، الشام ارض العروبة والشيم، الشام في زماننا تنتج كلابا من البشر لا يعرفون الإنسان يبدعون في إهانته، جاءت منهم قافلة إلى هذه الأرض فاشتروا ذلك الابن الغالي بدراهم معدودة وهنالك رجع مدير الأمن الخائن يكذب ويخادعك أنت ويقول لك : إن محمدو يسلم عليك .. "إنهم يكيدون كيدا" ..

أيتها الوالدة .. ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله.. اليوم يفضح مدير الأمن وزبانيته في دول العالم بحروف متقطعة من وراء سجن مقيت، اليوم يلعنه التاريخ ويلعن النظام الذي خدعك واغتالك وصادر منك الحياة وجمالها، صادر منك مداعبة ابن ما كنت تستطيعين مرافقته، صادر  ذلك النظام الجبان أحلام شاب رزين مبدع طموح مفعم بالحياة وجمالها.. وما يدري النظام وزبانيته ورجال أمنه أن الإبداع وحب الحياة سجية في الإنسان ترافقه حتى في أحلك الظروف ترافقه في مخافر الشام وكهوف افغانستان وزنازين اغوانتنامو .. الإنسان المبدع صديقه الذي لا يفارقه هو القلم يسطر به بعض الذكريات الأليمة..

مريم .. تمضين إلى ربك راضية بقضاء الله وقدره وقد كتب التاريخ انتصارك وانتصار فلذة كبدك في  معركة كنتما طرفا قويا فيها أما الطرف الآخر الجبان فهم رجال أمن ونظام استخباراتي كبير ودولة الأردن القوية، ورجال المارينز.. معركة غير متكافئة لكن الانتصار دائما للضعيف.. تنتصرين أنت حيث لم يبق أمامك إلا الانسحاب من الحياة إلى رب رحيم بالمساكين، وينتصر نجلك بحروفه المتقطعة التي تنفس عن كل سجين هنالك وتفضح كل سجان غادر أمام العالم الحر..

أخيرا ومن ضريح الراحلة مريم بنت الوديعة أقول للنظام الموريتاني إن التاريخ لا يرحم وكما فضحت حروف ولد صلاحي النظام السابق ورجال أمنه ورجال أمن الأردن وقوات المارينز فإن أخرى سوف تكشف كثيرا من المستور وتجيب عن تراخي النظام الحالي في التصاميم عن حل هذه الماساة العالقة..فهل من مستوعب لدرس "يوميات اغوانتنامو"؟

اقرأ أيضا