حي "الدك" بمدينة "أمبود" المنكوبة أول المستقبلين للسيول (صور وفيديو)

سبت, 2014-07-19 16:30

الشروق ميديا ـ امبود: لم يبق من أبنيتهم سوى  ذكريات ما زال معظمها تحت الركام بسبب السيول الجارفة، فمأساتهم تعاظمت وتعاظمت درجة أنهم أضحوا يتعايشون مع المستنقعات بلا حرج، يصارعون المرض بعد سنوات من صراع الفقر المدقع، يقاومون حر الشمس وبرد الليل، يلتحفون الهواء ويفترشون الركام،  نقنقة الضافاد باتت تطربهم وتمثل لهم بشارة من الطبيعة التي هاجت عليهم قبل عشر ليال فقط.. إنهم سكان حي "الدك" الواقع جنوبي مدينة امبود ضحايا سيول التاسع يوليو 2014.

عشرة أيام وسكان الحي الواقع على مشارف المدينة الجنوبية ما زالوا يعيشون في معاناة التشرد والتعلق بما تحت الركام من أمتعة اجتاحها السيل مع بيوت الطين، فكان الحنين إلى ملابس وأكياس وحبوب، وإن كانت السيدة "كرتومه" تنسى لتقدم سنها وضعف ذاكرتها، فإنها لن تنسى على المدى القريب تلك الأواني العتيقة التي احتفظت بها لعشرات السنوات ولكنه السيل والفيضانات لا تهمها المقتنيات العتيقة ولا ترحم الضعيف..

بداية القصة

تعود "هابي" بذكرياتها إلى الوراء وهي تجلس على ركام بيتها المنهار على كل أمتعتها فتحكي قصة سيل الأربعاء الجارف والقادم من أعماق الوديان وبالتحديد وادي "الحامظيه" جنوب شرق مدينة "امبود" فتقول "كانت ساعة السحر من ذلك الأربعاء سعيدة على كل ساكنة مدينة "امبود" هذه المدينة التي عانت في السنوات الأخيرة من جفاف ماحق، فكم كنا نستسقي وننتظر الغيث الهادئ على هذه الربوع، تهاطلت أمطار هادئة مع ساعات السحر، كنا نظن أنها مثل الأمطار السنوية على المدينة، ولم تكن أول أمطار من نوعها فقد تهاطل على المدينة أمطار أكثر ولكن المشكلة جاءت بعد نهاية المطر بساعات.. "

صحى الجو وانقشع الغيم وانتهى المطر مع بزوغ الفجر، وخرج الساكنة كعادتهم يتفقدون لكن خيوط فجر جديد حملت مفاجأة أخرى هنالك سيول  تتراءى من بين الوديان تكسر كل الحواجز الرملية إنه فجر من جهة "الحامظيه" شرق المدينة لا كأيامها، سيول تنبئ بكارثة جديدة، هاج الوادي وأطلق شلالا من المياه يجتاح كل بيت طين يعترضه، دخل المدينة على حين غفلة من سكان "الدّكْ" فذعر الأهالي وكان شغلهم الشاغل هو إنقاذ الأرواح من سيول الطين التي اجتاحت الحي بأكمله، خرج الرجال مشمرين عن سواعدهم في وجه السيل فأنقذوا كل الصبية والعجائز الموجودين بالحي، لكن السيول كانت تسابقهم نحو وسط المدينة، فتساقطت البيوت لحظة إخراج ضعاف الحي منها دون أن تخلف أضرار بشرية..

مساعدات خجولة..

سكان حي "الدك" يجمعون أن المساعدات التي منحت اليوم لا تتجاوز كيسا من الأرز لكل أسرة وحصائر بلاستيكية، وهو ما لا يريده سكان تركوا تحت رحمة السيل أيام وشردوا بين بقية أسر المدينة الأخرى.

"امبيركه" رفعت يديها إلى السماء تحمده على أن أبقاها حية ترزق وابقى أبناءها لكنها استدركت بالقول: على السلطات أن تساعدنا في بناء مساكن، لقد عشنا سنوات طويلة في هذه البيوت المدمرة جراء السيول لكن مسؤولية الحكومة الموريتانية أن تساعدنا في بناء بيوت أكثر صلابة نريد من مفوضية الأمن الغذائي أن تتدخل لماساتنا.

"افاطمه" سيدة سبعينية أنقذها ابنها من غرق محقق تعجز اليوم عن إنقاذ أمتعتها التي صادرت السيول وانهار عليها البيت ولا تدري هل ما زال بعضها صالحا للاستهلاك، لأن حجارة الطين تصلبت على كل مؤن البيت، تحاول عاجزة أن تحكي قصتها لكنها تتوقف وتقول "الحمد لله على سلامتنا وسلامة أبنائنا" لا تريد أن تزيد على ذلك باستثناء طلب وحيد هو الإعانة على المسكن.

الفقير هو الضحية..

إنه السيل الجارف القادم من عمق الوديان البعيدة يجتاح السكان الأكثر فقرا ويدمر بيوت كل من لم تساعده الظروف على بناء بيت إسمنتي متصلب، وكأنها رسالة من القدر للفت الانتباه إلى أحياء طينية عاشت فقرا مدقعا ـ  في مثلث عرف بالفقر ـ ردحا من الزمن فنسيهم الساسة إلا في المواسم الانتخابية، وهم اليوم يستغيثون بكل صاحب ضمير حي في هذه البلاد وفي كل بلاد الدنيا، فهل ستصل رسالتهم إلى المعنيين؟...

وتتواصل قصص مأساة "امبود" على الموقع :

http://www.echourouqmedia.net/

 

فيديو: 

اقرأ أيضا